باب ذكر فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته
قال الله تعالى :" واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا * وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا * ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا "
وقال تعالى :" قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ".
وتقدم في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :" لا تفضلوني على موسى ، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق ، فأجد موسى باطشاً بقائمة العرش ، فلا أدري أصعق فأفاق قبلي ؟ أم جوزي بصعقة الطور ؟ "
وقد قدمنا أنه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من باب الهضم والتواضع ، وإلا فهو - صلوات الله وسلامه عليه - خاتم الأنبياء وسيد ولد آدم في الدنيا والآخرة ، قطعاً جزماً لا يحتمل النقيض .
وقال تعالى :" إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط " إلى أن قال :" ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما ".
وقال تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها ".
قال الإمام أبو عبد الله البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ابن روح بن عبادة ، عن عوف عن الحسن ومحمد وخلاس ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن موسى كان رجلاً حيياً ستيراً لا يرى من جلده شيء استحياء منه ". فآذاه من آذاه من بني إسرائيل ، فقالوا : ما يستتر هذا التستر إلا من عيب بجلده ، إما برص ، وإما أدرة ، وإما آفة . وإن الله عز وجل أراد أن يبرئه مما قالوا لموسى ، فخلا يوماً وحده ، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل ، فلما فرغ أقبل على ثيابه ليأخذها ، وإن الحجر عدا بثوبه ، فأخذ موسى عصاه وطلب ألحجر فجعل يقول : ثوبي حجر ، ثوبي حجر ، حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرأئيل فرأوه عرياناً أحسن ما خلق الله ، وبرأه الله مما يقولون ، وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه ، وطفق بالحجر ضرباً بعصاه ، فوالله إن بالحجر لندباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً . فذلك قوله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها " .
وقد رواه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن شقيق وهمام بن منبه عن أبي هريرة به . وهو في الصحيحين من حديث عبد الرزاق عن معمر عن ثمام عنه به . ورواه مسلم من حديث عبد الله بن شقيق العقيلي عنه .
قال بعض السلف : كان من وجاهته أنه شفع في أخيه عند الله ، وطلب منه أن يكون معه وزيراً ، فأجابه الله إلى سؤاله وأعطاه طلبته وجعله نبياً ، ؟ قال " ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا ".
ثم قال البخاري : حدثنا أبو الوليد : حدثنا شعبة عن الأعمش قال : سمعت أبا وائل ، قال : سمعت عبد الله ، قال : قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قسماً ، فقال رجل : إن هذه القسكة ما أريد بها وجه الله ، فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخبرته فغضب ، حتى رأيت الغضب في وجهه ، ثم قال : " يرحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر ".
وكذا رواه مسلم من غير وجه عن سليمان بن مهران الأعمش به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن حجاج ، سمعت إسرائيل بن يونس ، عن الوليد بن أبي هاشم مولى لهمدان ، عن زيد بن أبي زائد ، عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :" لا يبلغني أحد من أحد شيئاً ، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر " قال : وأتي رسول الله مال فقسمه ، قال : فمررت برجلين وأحدهما يقول لصاحبه : والله ما أراد محمد بقسمته وجه الله ولا الدار الآخرة . فثبت حتى سمعت ما قالا ، ثم أتيت رسول الله فقلت : يا رسول الله . . إنك قلت لنا لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً وإني مررت بفلان وفلان
وهما يقولان كذا وكذا . فاحمر وجه رسول الله وشق عليه ، ثم قال : " دعنا منك فقد أوذي موسى أكثر من ذلك فصبر ".
وهكذا رواه أبو داود والترمذي من حديث إسرائيل عن الوليد بن أبي هاشم به . وفي رواية للترمذي ولأبي داود من طريق ابن عبد عن إسرائيل عن السدي عن الوليد به . وقال الترمذي : غريب من هذا الوجه .
وقد ثبت في الصحيحين في أحاديث الإسراء : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بموسى وهو قائم يصلى في قبره ، ورواه مسلم عن أنس .
وفي الصحيحين من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر ليلة أسرى به بموسى في السماء السادسة ، فقال له جبريل : هذا موس ، فسلم عليه . قال : " فسلمت عليه فقال : مرحباً بالنبي الصالح والأخ الصالح ، فلما تجاوزت بكى . قيل له ما يبكيك ؟ قال : أبكي لأن غلاماً بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخله من أمتي ".
وذكر إبراهيم في السماء السابعة ، وهذا هو المحفوظ .
وما وقع في حديث شريك بن أبي نمر ، عن أنس ، من أن إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة ، بتفضيل كلام الله - فقد ذكر غير واحد من الحفاظ : أن الذي عليه الجادة : أن موسى في السادسة وإبراهيم في السابعة ، وأنه مسند ظهره إلى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه أخر ما عليهم .
واتفقت الروايات كلها على أن الله تعالى لما فرض على محمد صلى الله عليه وسلم وأمته خمسين صلاة في اليوم والليلة - مر بموسى ، فقال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك ، فإني قد عالجت بني إسرائيل قبلك أشد المعالجة ، وإن أمتك أضعف أسماعاً وأبصاراً وأفئدة . فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل ، ويخفف عنه في كل مرة ، حتى صارت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة . وقال الله تعالى : هي خمس وهي خمسون . أي بالمضاعفة ، فجزي الله عنا محمداً صلى الله عليه وسلم خيراً ، وجزي الله عنا موسى عليه السلام خيراً .
وقال البخاري : حدثنا مسدد ، حدثنا حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن . عن سعيد بن جبيرعن ابن عباس قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال :" عرضت علي الأمم ورأيت سواداً كثيراً سد الأفق ، فقيل هذا مومى في قومه " .
هكذا روى البخاري هذا الحديث هاهنا مختصراً .
وقد رواه الإمام أحمد مطولاً فقال : حدثنا شريح ، حدثنا هشام ، حدثنا حصين بن عبد الرحمن ، قال : كنت عند سعيد بن جبير فقال : أيكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ قلت ؟ إني ، ثم قلت : إني لم أكن في صلاة ولكن لدغت . قال ، وكيف فعلت ؟ قلت : استرقيت قال : وما حمللث على ذلك ؟ قال قلت : حديث حدثناه الشعبي عن بريدة الأسلمي أنه قال : لا رقية إلا من عين أو حمة فقال سعيد - يعني ابن جبير- قد أحسن من أنهي إلى ماسع .
ثم قال : حدثنا ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عرضت علي الأمم فرأيت الني ومعه الرهط ، والنبي معه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد ، إذ رفع لي سواد عظيم فقلت : هذه أمتي ؟ فقيل : هذا موسى وقومه ، ولكن انظر إلى الأفق ، فإذا سواد عظيم ، ثم قيل انظر إلى هذا الجانب ، فإذا سواد عظيم ، فقيل : هذه أمتك ومعهم سبعون ألفأ يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .
ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ، فخاض القوم في ذلك ، فقالوا : من هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ؟ فقال بعضهم : لعلهم الذين صحبوا النبي (صلى الله عليه وسلم) . وقال بعضهم : لعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئاً قط ، وذكروا أشياء .
فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه ؟ فأخبروه بمقالتهم فقال : هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن الأسدي فقال : أنا منهم يا رسول الله ؟ قال : أنت منهم ثم قام آخر فقال : أنا منهم يا رسول الله ؟ فقال : سبقك بها عكاشة !
وهذا الحديث له طرق كثيرة جداً وهو في الصحاح والحسان وغيرها وقد أوردناها في باب صفة الجنة عند ذكر أحوال القيامة وأهوالها .
وقد ذكر الله تعالى موسى عليه السلام في القرآن كثيراً ، وأثني عليه وأورد قصته في كتابه العزيز مراراً ، وكررها كثيراً ، مطولة ومبسوطة ومختصرة ، وأثني عليه ثناء بليغاً .
وكثيراً ما يقرنه الله ويذكره ، ويذكر كتابه مع محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه ، كما قال في سورة البقرة : " ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون " .
وقال تعالى : " الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم * نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل * من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام " .
وقال تعالى في سورة الأنعام : " وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون * وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ".
فأثني الله تعالى على التوراة ، ثم مدح القرآن العظيم مدحاً عظيماً .
وقال تعالى في آخرها :" ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون * وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ".
وقال تعالى في سورة المائدة :" إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون " إلى أن قال :" وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون * وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه " . . . الآية .
فجعل القرآن حاكماً على سائر الكتب غيره ،وجعله مصدقاً لها ومبيناً ما وقع فيها من التحريف والتبديل ، فإن أهل الكتاب استحفظوا على ما بأيديهم من الكتب ، فلم يقدروا على حفظها ولا على ضبطها وصونها ، فلهذا دخلها ما دخلها من تغييرهم وتبديلهم ، ولسوء فهمهم وقصورهم في علومهم ، ورداءة قصودهم وخيانتهم لمعبودهم ، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة ، ولهذا يوجد في كتبهم من الخطأ البين على الله وعلى رسوله - مالا يحد ولا يوصف -ومالا يوجد مثلة ولا يعرف .
وقال تعالى في سورة الأنبياء :" ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين * الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون * وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون ".
وقال الله تعالى في سورة القصص : " فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا سحران تظاهرا وقالوا إنا بكل كافرون * قل فاتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين ".
فأثني الله على الكتابين وعلى الرسولين عليهما السلام .
وقالت الجن لقومهم :" إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى ".
وقال ورقة بن نوفل لما قص عليه رسول الله خبر ما رأى من أول الوحي وتلا عليه :" اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم " قال : سبوح سبوح ، هذا الناموس الذي أنزل على موسى ابن عمران .
وبالجملة فشريعة موسى عليه السلام كانت شريعة عظيمة ، وأمته كانت أمة كثيرة ، ووجد فيها أنبياء وعلماء ، وعباد وزهاد وألباء وملوك وأمراء ، وسادات وكبراء ، لكهنم كانوا فبادوا ، وتبدلوا كما بدلت شريعتهم ومسخوا قردة وخنازير ، ثم نسخت بعد كل حساب ملتهم ، وجرت عليهم خطوب وأمور يطول ذكرها . ولكن سنورد ما فيه مقنع لمن أراد أن يبلغه خبرها إن شاء الله ، وبه الثقة وعليه التكلان .
ذكر حجه عليه السلام إلى البيت العتيق ، وصفته
قال الإمام أحمد : حدثنا هشام ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن أبي العالية ، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الأزرق فقال :" أي واد هذا ، قالوا : وادي الأزرق ، قال : كأني أنظر إلى موسى وهو هابط من الثنية ، وله جؤار إلى الله عز وجل بالتلبية ، حتى أتي على ثنية هرشاء فقال أي ثنية هذه ؟ قالوا : هذه ثنية هرشاء ،. قال : كأني أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء ، عليه جبة من صوف ، خطام ناقته خلبة - قال هشيم : يعني ليفاً - وهو يلبي " . أخرجه مسلم من حديث داود بن أبي هند به .
وروى الطبراني عن ابن عباس مرفوعاً : أن موسى حج على ثور أحمر وهذا غريب جداً .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن أبي عدى ، عن ابن عون ، عن مجاهد قال : كنا عند
ابن عباس فذكروا الدجال ، فقال : إنه مكتوب بين عينيه ك ف ر فقال : ما يقولون ؟ قال : يقولون مكتوب بين عينيه ك ف رضي الله عنه فقال ابن عباس ، لم أسمعه قال ذلك ولكن قال أما إبراهيم فانظروا إلى صاحبكم ، وأما موسى فرجل آدم جعد الشعر على جمل أحمر مخطوم بخلبة ، كأني أنظر إئجه وقد انحدر من الوادي يلبي قال هشيم : الخلبة : الليف .
ثم روه الإمام أحمد عن أسود ، عن إسرائيل ، عن عثمان بن المغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رأيت عيسى ابن مريم وموسى وإبراهيم : فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر ، وأما موسى فآدم جسيم سبط قالوا : فإبراهيم ؟ قال : انظروا إلى صاحبكم .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يونس ، حدثغا شيبان قال : حدث قتادة عن أبي العالية ، حدثنا ابن عم نبيكم ابن عباس قال : قال نبي الله :" رأيت ليلة أسرى بي موسى بن عمران رجلاً طوالاً جعداً ، كأنه من رجال شنوءة ،. ورأيت عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض ، سبط الرأس ".
وأخرجاه من حديث قتادة به . وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر قال الزهري : وأخبرني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسري به :" لقد لقيت موسى ، قال فنعته ، فإذأ رجل - حسبته قال - مضطرب ، رجل الرأس كأنه من رجال الشنوءة ، ولقيمت عيسى فنعته رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس - يعني الحمام - قال : ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده به " الحديث . وقد تقدم غالب هذه الأحاديث في ترجمة الخليل .
ذكر وفاته عليه السلام
قال البخاري في صحيحه : وفاة موسى عليه السلام حدثنا يحيى بن موسى ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر عن ابن طاووس ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : أرسل ملك الموت إلى موسى عليه السلام ، فلما جاءه صكه فرجع إلى ربه عز وجل ، فقال : أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت ، قال : أرجع إليه فقل له يضع يده على متن تور ، فله بما غطت يده بكل شعرة سنة . قال : أي رب .. ثم ماذا ؟ قال : ثم الموت ، قال : فالآن .
قال : فسأل الله عز وجل أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر قال أبو هريرة : فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فلو كنت ثم لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر .
قال : وأنبأنا معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه .
وقد روى مسلم الطريق الأول من حديث عبد الرزاق به ورواه الإمام أحمد من حديث حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة مرفوعاً وسيأتي .
وقال الإمام أحمد : حدثنا الحسن ، حدثنا لهيعة ، حدثنا أبو يونس - يعنى ساليم بن جبير -عن أبي هريرة ؟ قال : الإمام أحمد لم يرفعه ، قال : (( جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ، فقال : أجب ربك ، فلطم موس عين ملك الموت ففقأها ، فرجع الملك إلى الله فقال : إنك بعثتني إلى عبد لك لا يريد الموت ، قال : وقد فقأ عيني . قال : فرد الله عينه ، وقال :ارجع إلى عبدي فقل له : الحياة تريد ؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور ، فما وارت يدك من شعره فإنك تعيش بها سنة . قال : ثم مه ؟ قال : ثم الموت . قال : فالآن يا رب من قريب .
تفرد به أحمد ،وهو موقوف بهذا اللفظ .
وقد رواه ابن حبان في صحيحه من طريق معمر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه عن أبي هريرة ، قال معمر : وأخبرني من سمع الحسن عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . فذكره .
ثم أستشكله ابن حبان ، وأجاب عنه بما حاصله : أن ملك الموت لما قال له هذا لم يعرفه ، لمجيئه له على غير صورة يعرفها موسى عليه السلام كما جاء جبريل في صورة أعرابي ، وكما وردت الملائكة على إبراهيم ولوط في صورة شباب ، فلم يعرفهم إبراهيم ولا لوط أولا . وكذلك موسى لعله لم يعرفه ، لذلك لطمه ففقأ عينه لأنه دخل داره بغير إذن ، وهذا موافق لشريعتنا في جواز فقء عين من نظر إليك في دارك بغير إذن .
ثم أورد الحديث من طريق عبد