جولة مع الرقم 6
قبل الخوض في عجائب الرقم (6) نقوم بنحليل العدد (6) إلى عوامله الأولية فنجد الأرقام : 1 ، 2 ، 3 ، 6 وهي القاسم الطبيعية للستة ، فإذا استثنينا العامل الأخير لأنه يساوي العدد نفسه (6) وجمعنا العوامل الثلاثة 1 + 2 + 3 فنرى أن الناتج = (6) بالذات، ويندر أن تحقق الاعداد هذه الميزة، إذ ليس بين (الواحد) و (العشرة آلاف) سوى أربعة أعداد يكون مجموع عوامل كل منها (دون العدد ذاته) يساوي ذلك العدد ... وهي 6 ، 28 ، 496 ، 8128 ، وأول هذه الأعداد وأشهرها هو الستة ... أفلا تستحق أن تكون عددا كاملا في هذه المجموعة وتكون رأس تلك الأعداد وفاتحتها .
(1) عجائب العدد (666) :
بمقدور الرقم (6) أن تقلب ظهر المجن لتصير إيقاعا للرعب والشر ، فتبعث الخوف في اكثر القلوب شجاعة، وهل هناك أرهب من (سكيللا) الأسطورية ذات الأعناق الستة الطوال، وكل منها ينتهي برأس هو غاية في الفضاعة ... وقد "سُلِّح بثلاثة صنزف من أنياب حداد أصلها ثابت وحشوها سم زعاف" ... (هوميروس : الأوديسة، نعريب : درّيني خشبة ، مكتبة نهضة مصر 1960 ص 177) . وهي تخرج من مكمنها ... لتنقض على فرائسها في السفن العابرة "فتلتقم بأفوائها الستة الجائعة ستة من بحارتها مرة واحدة وتقضمهم قضما" .
لقد ارتعدت فرائص (أوديسوس) نفسه من مرآها، وهو الكمي غير الهيّاب، وعجز عن أن يمنع عن رجاله، وهم قاهرو طروادة، ذلك المصير المفجع بين أنياب (سكيللا) ...
ولم تكن نجاة (أوديسوس) من ذلك الوحش إلا مِنَّة من شاعر الملحمة (هوميروس) الذي أراد للأوديسة أن تنتهي بعودة (أوديسوس) إلى زوجته ذات النول (بنلوب) وفتاه (تليماك) بعد سنوات طويلة من العذاب والانتظار .
ولعل لـ(سكيللا) صلة رحم بالوحش الذي ظهر للقديس (يوحنا) في رؤياه، لكن وحش الرؤيا الذي يخرج من البحر أيضا يملك سبعة رؤوس لا ستة، لا تقل بشاعة عن رؤوس (سكيللا)، على ان للستة شأنها في الرؤيا إذ تقول:
هنا الحكمة ! من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده ستمئة وستة وستون" (رؤيا يوحنا (العهد الجديد) (إصحاح 13) . فليس رمز الوحش ستة واحدة فحسب وإنما ستة مكررة ثلاثا تشغل مراتب الآحاد والعشرات والمئات . وفي هذا العدد انطوى كل الشر والرعب اللذيْن تمثل في الوحش (ونبِيِّه الدجّال) الذي أضل الناس في الرؤيا ، ولسوف يضلهم - أغلب الظن - في الحقيقة، وجعلهم يسجدون لصورة الوحش القبيحة، ووسم أياديهم وجباههم بسمته المنكرة ... فلترتعش بعدئذ بنان كل من يكتب العدد المريع 666 .
ولكم ظهرت وحوش بعد رؤيا (يوحنا)، ولا تزال، ولكل وحش دجّاله أو دجّالوه ... وليس عسيرا أن يتطابق اسم الوحش أو اسم دجّاله والعدد (666)، باستلهام (حساب الجمّل) والتصرف به تصرفا ذكيا وملائما ... وهذا ما بدا للكثير من الروس عندما هاجم (نابليون) بلادهم، فقد رأوا فيه وحش الرؤيا اللاهوتية، أو النبي الدجّال ... وبقي عليهم أن يطابقوا بين اسمه وعدد الوحش 666 ... وكانت تلك مهمة أولئك الماسونيين الذين برعوا في (حساب الجمّل) . فقد وجدوا أنه لو صُنفت الأبجدية الفرنسية وفق ذلك الحساب "حيث تكون الأحرف العشرة الأولى موازية للآحاد والأحرف العشرة الثانية موازية للعشرات" فإن مجموع حروف كلمتيْ (الامبراطور نابليون) يساوي (666) ... وكان في ذلك الدليل الحاسم على أن (نابليون) ما هو إلا (وحش الرؤيا) .
وأظن أن أولئك (الحِسبة) قد جربوا عدة خيارات قبل ذلك الاسم الكامل للامبراطور، وهو: (نابليون بونابرت) حتى استقام لهم عدد الوحش في (الامبراطور نابليون) ... على أنهم عزّزوا اعتقادهم ذلك بنبؤة أخرى في رؤيا (يوحنا) خلصوا منها إلى أن نهاية ذلك الوحش (نابليون) ستكون سنة (1812) وهي الستة التي هاجم فيها روسيا .
وأدهشت تلك الحسابات والنبؤات (بطرس بيزوخوف) بطل رواية (الحرب والسلم) لتولوستوي وشغلت فكره ... فمن ذا الذي سيضع لحياة (نابليون) نهايتها ؟
وأسعفه حدسه على الفور: إن من يصطفيه القدر لإنفاذ هذه المهمة الجليلة، لا بد أن يمتلك سر الوحش ذاته، أي يكون معوّذا بالعدد (666) .
وأمسك (بطرس) بقلمه وبدأ بالحساب: هل هو الامبراطور اسكندر، قيصر روسيا آنذاك ؟ ... كلا فمجموع أرقام أحرفه وفق (حساب الجمّل) لا يساوي (666) ... لقد خذله الامبراطور ... ثم خذلته (الأمة الروسية) فهي عاجزة عن القضاء على (نابليون) لأن أحرفها لا تطابق عدد الوحش ... !
وانهمك بطرس في الحسابات ... وفجأة خطر له أن يجرب اسمه بالذات، فكتب: (الكونت بطرس بيزوخوف) ... فخاب فأله، لكنه لم يستسلم، وأخذ يعدّل ويحذف ويضيف إلى أن استقام الأمر له، فكان (الروسي بيزوخوف) ومجموع الأعداد المقرونة بأحرفه يساوي (666)، مع (زحاف) لغوي بسيط .
وهكذا اكتشف (بطرس) أنه وحده، من دون الناس جميعا، يحمل الرسالة التاريخية : قتل الوحش المتجسد في (نابليون) (انظر : تولستوي، ليون : الحرب والسلم ج/3 ترجمة صياح الجهيم ص 133 - 134) .
وإذا كان العدد (666) قد خذل (بطرس)، فلم يستطع اغتيال (نابليون) ، بل إن الأمة الروسية، وجليدها الشتائي القاتل هما اللذان أنهكا الوحش، وأنقذا روسيا، فيما عاش (نابليون) سنوات مديدة بعد عام 1812 ... فإن مأثرة (بطرس) هي في إدراكه أن القضاء على الوحش، يبدأ بامتلاك سر الوحش .
(2) الرقم ستة مع الزعماء :
حين وقف بوش فى احدى خطبه الكثيرة امام شعبه بعد غزو العراق، أشار مازحا وسط حديثه لأمر سرعان ما تنبه لخطورته علماء الانجيل فى امريكا، فنشروه مع تعليقاتهم على الانترنت لتصل الى اكبر عدد من الناس ، ونحن هنا سنعلق على ما قالوه بل وننشر المزيد من الاسرار، فكتابهم(الانجيل) وان بقى فيه بعض النبوءات الصحيحة الا ان كتابنا -القرآن - فيه كل الحق وكل العلم.
George W. Bush قال في خطابه وهو يضحك أنه أشهر رجل في العالم لا لأنه رئيس الولايات المتحدة فقط، بل لان الملايين على وجه الكرة الارضية يستخدمون كل يوم حرف W المميز لاسمه لا مرة واحدة بل ثلاث مرات! وذلك عند استخدامهم للانترنت www
للوهلة الاولى الملاحظة تبدو عادية، ولكن يقظة دارسى التوراة والانجيل من المسيحيين جعلتهم ينتبهون الى ان W تعادل حرف "و" في حساب الجمّل وهو=6، وبذلك يكون www =666 ، ويا لخطورة هذا الرقم الذي اشار بوش انه يمثله! ففي سفر الرؤيا 13:18 " من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد انسان وعدده : ستمائه وستة وستون" فهذا العدد عند المسيحيين يمثل ....المسيح الدجال!
ولكن في علم الحساب القرآني فان للرقم 6 المكرر 3 مرات معنى آخر!
انه يعنى امريكا!! فهي الوحش المعنى في النص بانه يجعل الناس كلهم خاضعين له وأنه سيسيطر على الاقتصاد بحيث لا يشترى او يبيع الا من يحالفه، كما يقول الانجيل "وأن لا يقدر احد ان يشترى او يبيع، الا من له سمة الوحش او اسم الوحش او عدد اسمه"...والآن سنتأكد معا ان الرقمين 3 ،6 هما رمز امريكا فى علم الحساب القرآنى.
ففي سورة القمر التى تقع فى الجزء ال27 وترتيبها 54 ،نجد ان الآية 18 والتي تتحدث عن عاد الاولى قوم هود وعذاب الله لهم ، هي نفسها تتحدث عن عاد الثانية (امريكا) وعذاب الله لها!...ولقد توصل المفكر الدكتور مصطفى محمود لنفس الرأي ونشره في مقالاته، والتي أحيل عليها من يريد معرفة التشابه - بل التطابق - بين عاد الأولى وعاد الثانية الحديثة ، ففي هذه المقالات ما يكفى وزيادة.
وفى سورة النجم - وهى رقم 53 أي تسبق سورة القمر تماما - نجد أن الآية الخمسين واضحة حيث تقول "وأنه أهلك عادا الاولى" ، ثم بعد آيات قليلة في المصحف نجد سورة القمر والآية ال18 التي تتحدث عن هلاك عاد ...الثانية !
وتحديد تاريخ نهاية امريكا من الآية ال18 في سورة القمر،وصلة هذه الآية بالرقمين 3،6 الدالين على أمريكا، سيكون موضوع الفصل القادم، ان شاء الله.
في الفصل السابق كنا قد بدأنا توضيح صلة الآية 18 في سورة القمر ، بأمريكا وتحديد تاريخ نهايتها، وذلك بعد علمنا ان الرقم 6 المكرر 3 مرات هو رمزها، والسطور القادمة ستوضح هذين الرقمين بعلم الحساب القرآني للآية المقصودة : " كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ" (القمر:18)
ومن النظرة الاولى لا يفوتنا ان 18 "رقم الآية" = 3×6 "رمز أمريكا"
وان كان الانجيل قد اشار الى ان رمزها هو 666 أي 6 ثلاث مرات، فان القرآن يشير أيضا وينبهنا للرقم 3 و لصلته بالآية!!
فرقم السورة في المصحف =54=18×3 !! ، ورقم الجزء = 27= 3×3×3، ورقم الجزء ــ رقم الآية= 27ــ 18 = 9= 3×3 !!، والاهم من ذلك أن القارىء لسورة القمر سيجد أنها تحكى عقاب العديد من الامم الكافرة، وأنه كل عدة آيات تتكرر كلمة "نذر"، والعجيب انها في الآية المقصودة يكون ترتيبها...الثالثة!! ... والآن ... ألم يمتلك العدد (6) ما يكفي من مؤهلات لائقة ؟ إلا إننا لم نقل بعد الكثير
(3) : الجسيمات الأولية للمادة مع (الفيثاغوريين) :
يبدو أن (الفيثاغوريين) الشغوفين بالأعداد قد اكتشفوا الأعداد الكاملة ، وأضفوا عليها دلالات كونية وإنسانية ... فهل سرت نفحة من روحهم في صدر العالم المعاصر (غيل مان) ومريديه فرأوا أن الجسيمات الأولية للمادة لا تكمل إلا إذا نظمها العدد الكامل (6) ! ... إذ أن النظرية السائدة حاليّا (النموذج المعياري) ترى أن تلك الجسيمات التي تشكل المادة تنقسم إلى فصيلتين: (كواركات) و (لبتونات)، والكواركات هي "مكونات النترونات والبروتونات والجسيمات المتصلة بها المسماة هدرونات، أما اللبتونات فتستطيع إذا كانت مشحونة كالإلكترون أن تدور حول النوى الذرية لتشكل الذرات، أما إذا كانت غير مشحونة، مثل اللبتونات التي تسمى نترنيوهات فتستطيع أن تخترق الأرض ... دون أن تتفاعل مع أي شيء آخر (شرام وستايكمان : مسرعات الجسيمات تختبر النظرية الكونية ، مجلة العلوم الامريكية مجلد 5 عدد 1988 ص 90) .
ولئن ألبس فيزيائيو العقود الأخيرة من القرن ألـ 20، بنية المادة لبوسا سداسيا ثم أخذوا في تحري وإثبات ذلك اللبوس في الواقع، فإن المادة قد كشفت بذاتها عن عمق الإيقاع السداسي في الأنغام الثرّة والعجيبة لبلورات الثلج، فإن وضع ذرات الاكسجين في الشبكة البلورية للجليد يتخذ مسدسات منتظمة، ذلك هو السر في أن الشكل الشائع والغالب لندف الثلج هو الشكل السداسي، وهو الذي يمنحها القالب التي تبنى عليه تلك المجسمات المزخرفة الرائعة من الندف والتي أدهشت العلماء بانتظامها وجمالها الرقيق. لقد أجريت تجارب لا تحصى في أصقاع شتى وظروف متباينة، والتقطت عشرات الآلاف من الصور لبلّورات الثلج في أعالي الجو وفي السحاب وفوق الأرض، فلم تكن من ندفة تماثل سواها تمام المماثلة .... لكنها جميعا، باستثناء قلة قليلة، كانت سداسية البنية (انظر : بتريانوف ، إ : الماء تلك المادة العجيبة ، ترجمة د. عيسى مسوح . دار مير 1978 ص 42) . إنه الإيقاع البلوري لذلك الماء العجيب .
(4) : لفتة أخوانية صفائية :
لم يغفل (أخوان الصفاء) الرقم (6)، وهم الذين رتبوا مراتب الوجود وفق مراتب الأرقام دون أن يغفلوا أيّا من تلك الأرقام التسعة ، لكي "تكون الأمور الوضعية مطابقة مراتبها للأمور الطبيعية" كما يقولون ... والمرتبة السادسة من تلك المراتب هي من نصيب (الجسم)، وهو كما يبدو - مفهوم شامل يمثل جسما مطلقا أو لعله (مثال) الجسم ذو المسحة الأفلاطونية .
ونظرا إلى ترتيب (الجسم) هو السادس، فقد قيل : "إن للجسم ست جهات (رسائل أخوان الصفاء ج/3 ص 203) وهي الجهات الأربع وقد أضيف إليها (الأعلى والأسفل) ... فاكتساب الجسم جهاته تلك إنما هو انعكاس لمرتبته في منظومة الوجود ... ! وتوحي هذه الرؤية بأن طبائع الكائنات هي تتبع خصائص الأرقام لا العكس ! وهو أقصى ما يمكن أن تخلص إليه فلسفة الأعداد .
وللموجودات لدى (أخوان الصفاء) مسدساتها أيضا، فلا يفوتهم ان يقسموا البروج الاثني عشر إلى نصفين: (ستة منها ذكور وستة منها إناث) ... ويحلو لهم التسديس، فيواصلون قسمة البروج في مناحٍ أخرى: فستة منها نهارية وستة ليلية . "وستة شمالية وستة جنوبية، وستة مستقيمة الطلوع وستة معوجة الطلوع، وستة من حيز الشمس وستة من حيز القمر ... وستة ترى أنها فوق الأرض، وستة لا ترى فهي تحت الأرض (المصدر السابق) .
ويتأمل (أخوان الصفاء) في أوضاع الكواكب خلال مسارها الفلكي، فيرصدون ستة منازل هي أن "تكون في أوجاتها أو حضيضها أو شرفها أو هبوطها أو مع رأس جوزهرها (الـ(جوزهر) : من منازل القمر) او مع الذنب" ... و"كل ذلك بفعل الستة إذ كانت هي أول العدد التام" .
وبعد ... لقد شفينا بعضا من وِتر العدد (6) ... وليس لحدوس الفكر أو لرؤى الميثولوجيا أن تغفله بعد الآن، وقد أظهر العلم فضله، وزكّاه أخيرا (أخوان الصفاء) .
ونترك للمتابع بعد ذلك أن يتخير للعدد (6) مكانا يليق به في ميتافيزياء الأعداد الطبيعية .
(5) : الإيقاعات السداسية :
الله - كما يقول سفر التكوين - قد ارتاح في اليوم السابع ... ألم يكن أولى أن تكون الخطوة للعدد (6)، وقد خلق الله الكون في ستة أيام ! أليس الخلق والعمل أعلى من الراحة ؟
ثم دعونا نستمتع بذلك اللعب بالأعداد الذي مارسه الأقدمون :
فالسنة الشمسية كالسنة القمرية ، هي مجموع سداسيتين ، فإذا قابلنا سداسية نصف العام بسداسية أيام العمل الستة في الأسبوع (دون يوم الراحة) ، فإننا نجعل من الستة إيقاعا كونيا ... ومن المدهش أن يتفق ذلك وعدد الكتب المقدسة التي نطق بها الرسل :
1) مصحف إبراهيم
2) توراة موسى
3) مزامير داوود
4) جامعة سليمان
5) الإنجيل
6) القرآن الكريم
6 = 2 × 3 . الستة هي جداء الاثنين في ثلاثة، فهي مضاعف لكل منهما، أفلا تجمع بذلك فضليهما ! ... وإذا عدنا بالذاكرة إلى رموز الفيثاغوريين نجد أن العدد (2) هو رمز التضاد ، والعدد (3) هو رمز الامتداد ... أفلا يكون جداؤهما رمزا لوحدة الامتداد وضديده ؟
ولما كان الامتداد هو قرين الاتصال ، فإن ضديده هو الانفصال ... وهكذا نخلص إلى اقتراح نقدمه للفيثاغوريين يقول بكون العدد (6) رمزا لوحدة الاتصال والانفصال (أو التقطع) ... وهي إحدى تجليات الجدل الكبرى في الطبيعة .
ولا تزال في ذاكرة العلم تلك المعركة الطويلة بين (أصحاب الاتصال) و(أولي الانفصال) أو (الموجيين) و(الجسميين) حول ماهية الضوء، والتي بدأت عندما افترض العالم الإنجليزي الكبير (إسحاق نيوتن) أن الضوء هو سيالة من الجسيمات أو الكريات الضوئية ترسلها الأجسام المضيئة، بينما رأى معاصره العالم الفيزيائي الهولندي (هيوجنز) أن الضوء ليس سوى موجات محمولة على (الأثير) تنسأ عن نبض الأجسام المضيئة (انظر: ريدنيك، ف : ما هي ميكانيكا الكم ، دار مير، موسكو 1971 ، ص 57) .
استمرت المعركة حتى اكتشاف (ماكسويل) أن موجات الضوء ذات طبيعة كهرومغناطيسية تنشأ عن تراكب حقلين : كهربائي ومغناطيسي .
لكن الطبيعة لها رأي آخر ... فهي لا تعرف تلك اللغة (الدوغمائية) القاصرة التي اخترعها البشر : (إما .. أو) ، ولذلك اصطفت كلا من عالميها الكبيرين (ماكس بلانك) و(إلبرت آينشتاين) ليعيدا إلى التقطع وجاهته ... فالكتشف العالمان أوائل القرن العشرين أن طاقة الإشعاع الضوئي هي ذات طبيعة جسيمية متقطعة، وأنها تعطي وتُكتسب، ليس على نحو متصل، وإنما بوجبات أو كمّات كوانتم) (انظر : ريدنيك ، ف : ما هي ميكانيكا الكم ، دار مير ، موسكو 1971) . وقد أطلق على جسيمات الطاقة فيما بعد، اسم (الفوتونات) التي عدّت بعدئذ جسيمات الحقل الكهرومغناطيسي عامة .
وقد تجلت تلك الوحدة العميقة بين الاتصال والانفصال للشاعر أحمد شوقي حين قال :
دقات قلب المرء قائلة له * إن الحـياة دقائق وثوانِ
(6) : التجربة القرمطية :
وقد نستنطق التاريخ بحثا عن نغم سداسي الإيقاع، فنهتدي إلى التجربة القرمطية ... ومن حق الستة أن تفخر بأنها العدد الطبيعي الوحيد الذي اقترن بالنظام السياسي والاجتماعي الفريد الذي أنشأه القرامطة في البحرين والإحساء خلال القرنين الرابع والخامس للهجرة ... ذلك النظام الذي يشكل استثناءً في تاريخ أنظمة الحكم الإسلامية بعد الخلفاء الراشدين، وحتى سقوط السلطنة العثمانية في القرن العشرين .
أما مكان (الستة) في هذا النظام، فهو في مجلس (العقدانية) الذي يمثل السلطة العليا، ويتألف من (ستة من السادة) و(ستة من الشائرة) وهم بمثابة وزراء السادة . وينتسب الفريق الأول إلى مؤسس الدولة (أبي سعيد الجنّابي)، بينما ينتسب الفريق الآخر إلى (آل سنبر) ذوي المكانة في البحرين (انظر : لويس، برنارد : أصول الاسماعيلية والفاطمية والقرمطية ، دارالحداثة) .
أما ما سجلة الرحالة (ناصر خسرو) في كتابه (سفرنامة) عن دولة القرامطة جدير بالمطالعة لما فيه اوصاف مثالية لهذه الدولة العظيمة (والكتاب ترجمة: يحيى الخشاب ، بيروت 1970) . ما عدا انه ذكر بأن ثروة العقدانية كانت تقوم على استثمار عمل الرقيق، إذ كان لذلك المجلس (ثلاثون ألف عبد زنجي وحبشي، يشتغلون بالزراعة وفلاحة البساتين (6 + × 10 + 6).
أمثلة لاستعمالات العدد ستّة
نورد لكم أربعة أمثلة والبقية سنوردها إن شاء الله في الرابط الخاص بالعدد ستّة .
1) (تقبّلوا لي ستّاً أتقبل لكم الجنة) قالوا: وما هي ؟ قال : (إذا حدّث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف، وإذا اؤتمن فلا يخن، وغضوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم،واحفظوا فروجكم) . رواه أبو يعلى والحاكم والبيهقي
2) ستّة هم أصحاب الفتوى في زمن الصحابة : عمر، وعلي، وابن مسعود، وأُبي، وأبو موسى، وزيد بن ثابت الذي تعلم السريانية في سبعة عشر يوما
3) قال عمر رضي الله عنه: إن الله تعالى كتم ستة في ستة: الرضا في الطاعة / الغضب في المعصية / اسمه الأعظم في القرآن / ليلة القدر في شهر رمضان / الصلاة الوسطى في الصلوات / وكتم يوم القيامة في الأيام . (المنبهات) لابن حجر .
آيات الشفاء ستّة:
1) (ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة – 14 .
2) (شفاء لما في الصدور) يونس – 57 .
3) (فيه شفاء للناس) النحل – 69 .
4) (وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء – 82 .
5) (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء – 80 .
6) (قل هو للذين آمنوا هدًى وشفاء) فصلت – 44 .
قبل الخوض في عجائب الرقم (6) نقوم بنحليل العدد (6) إلى عوامله الأولية فنجد الأرقام : 1 ، 2 ، 3 ، 6 وهي القاسم الطبيعية للستة ، فإذا استثنينا العامل الأخير لأنه يساوي العدد نفسه (6) وجمعنا العوامل الثلاثة 1 + 2 + 3 فنرى أن الناتج = (6) بالذات، ويندر أن تحقق الاعداد هذه الميزة، إذ ليس بين (الواحد) و (العشرة آلاف) سوى أربعة أعداد يكون مجموع عوامل كل منها (دون العدد ذاته) يساوي ذلك العدد ... وهي 6 ، 28 ، 496 ، 8128 ، وأول هذه الأعداد وأشهرها هو الستة ... أفلا تستحق أن تكون عددا كاملا في هذه المجموعة وتكون رأس تلك الأعداد وفاتحتها .
(1) عجائب العدد (666) :
بمقدور الرقم (6) أن تقلب ظهر المجن لتصير إيقاعا للرعب والشر ، فتبعث الخوف في اكثر القلوب شجاعة، وهل هناك أرهب من (سكيللا) الأسطورية ذات الأعناق الستة الطوال، وكل منها ينتهي برأس هو غاية في الفضاعة ... وقد "سُلِّح بثلاثة صنزف من أنياب حداد أصلها ثابت وحشوها سم زعاف" ... (هوميروس : الأوديسة، نعريب : درّيني خشبة ، مكتبة نهضة مصر 1960 ص 177) . وهي تخرج من مكمنها ... لتنقض على فرائسها في السفن العابرة "فتلتقم بأفوائها الستة الجائعة ستة من بحارتها مرة واحدة وتقضمهم قضما" .
لقد ارتعدت فرائص (أوديسوس) نفسه من مرآها، وهو الكمي غير الهيّاب، وعجز عن أن يمنع عن رجاله، وهم قاهرو طروادة، ذلك المصير المفجع بين أنياب (سكيللا) ...
ولم تكن نجاة (أوديسوس) من ذلك الوحش إلا مِنَّة من شاعر الملحمة (هوميروس) الذي أراد للأوديسة أن تنتهي بعودة (أوديسوس) إلى زوجته ذات النول (بنلوب) وفتاه (تليماك) بعد سنوات طويلة من العذاب والانتظار .
ولعل لـ(سكيللا) صلة رحم بالوحش الذي ظهر للقديس (يوحنا) في رؤياه، لكن وحش الرؤيا الذي يخرج من البحر أيضا يملك سبعة رؤوس لا ستة، لا تقل بشاعة عن رؤوس (سكيللا)، على ان للستة شأنها في الرؤيا إذ تقول:
هنا الحكمة ! من له فهم فليحسب عدد الوحش فإنه عدد إنسان وعدده ستمئة وستة وستون" (رؤيا يوحنا (العهد الجديد) (إصحاح 13) . فليس رمز الوحش ستة واحدة فحسب وإنما ستة مكررة ثلاثا تشغل مراتب الآحاد والعشرات والمئات . وفي هذا العدد انطوى كل الشر والرعب اللذيْن تمثل في الوحش (ونبِيِّه الدجّال) الذي أضل الناس في الرؤيا ، ولسوف يضلهم - أغلب الظن - في الحقيقة، وجعلهم يسجدون لصورة الوحش القبيحة، ووسم أياديهم وجباههم بسمته المنكرة ... فلترتعش بعدئذ بنان كل من يكتب العدد المريع 666 .
ولكم ظهرت وحوش بعد رؤيا (يوحنا)، ولا تزال، ولكل وحش دجّاله أو دجّالوه ... وليس عسيرا أن يتطابق اسم الوحش أو اسم دجّاله والعدد (666)، باستلهام (حساب الجمّل) والتصرف به تصرفا ذكيا وملائما ... وهذا ما بدا للكثير من الروس عندما هاجم (نابليون) بلادهم، فقد رأوا فيه وحش الرؤيا اللاهوتية، أو النبي الدجّال ... وبقي عليهم أن يطابقوا بين اسمه وعدد الوحش 666 ... وكانت تلك مهمة أولئك الماسونيين الذين برعوا في (حساب الجمّل) . فقد وجدوا أنه لو صُنفت الأبجدية الفرنسية وفق ذلك الحساب "حيث تكون الأحرف العشرة الأولى موازية للآحاد والأحرف العشرة الثانية موازية للعشرات" فإن مجموع حروف كلمتيْ (الامبراطور نابليون) يساوي (666) ... وكان في ذلك الدليل الحاسم على أن (نابليون) ما هو إلا (وحش الرؤيا) .
وأظن أن أولئك (الحِسبة) قد جربوا عدة خيارات قبل ذلك الاسم الكامل للامبراطور، وهو: (نابليون بونابرت) حتى استقام لهم عدد الوحش في (الامبراطور نابليون) ... على أنهم عزّزوا اعتقادهم ذلك بنبؤة أخرى في رؤيا (يوحنا) خلصوا منها إلى أن نهاية ذلك الوحش (نابليون) ستكون سنة (1812) وهي الستة التي هاجم فيها روسيا .
وأدهشت تلك الحسابات والنبؤات (بطرس بيزوخوف) بطل رواية (الحرب والسلم) لتولوستوي وشغلت فكره ... فمن ذا الذي سيضع لحياة (نابليون) نهايتها ؟
وأسعفه حدسه على الفور: إن من يصطفيه القدر لإنفاذ هذه المهمة الجليلة، لا بد أن يمتلك سر الوحش ذاته، أي يكون معوّذا بالعدد (666) .
وأمسك (بطرس) بقلمه وبدأ بالحساب: هل هو الامبراطور اسكندر، قيصر روسيا آنذاك ؟ ... كلا فمجموع أرقام أحرفه وفق (حساب الجمّل) لا يساوي (666) ... لقد خذله الامبراطور ... ثم خذلته (الأمة الروسية) فهي عاجزة عن القضاء على (نابليون) لأن أحرفها لا تطابق عدد الوحش ... !
وانهمك بطرس في الحسابات ... وفجأة خطر له أن يجرب اسمه بالذات، فكتب: (الكونت بطرس بيزوخوف) ... فخاب فأله، لكنه لم يستسلم، وأخذ يعدّل ويحذف ويضيف إلى أن استقام الأمر له، فكان (الروسي بيزوخوف) ومجموع الأعداد المقرونة بأحرفه يساوي (666)، مع (زحاف) لغوي بسيط .
وهكذا اكتشف (بطرس) أنه وحده، من دون الناس جميعا، يحمل الرسالة التاريخية : قتل الوحش المتجسد في (نابليون) (انظر : تولستوي، ليون : الحرب والسلم ج/3 ترجمة صياح الجهيم ص 133 - 134) .
وإذا كان العدد (666) قد خذل (بطرس)، فلم يستطع اغتيال (نابليون) ، بل إن الأمة الروسية، وجليدها الشتائي القاتل هما اللذان أنهكا الوحش، وأنقذا روسيا، فيما عاش (نابليون) سنوات مديدة بعد عام 1812 ... فإن مأثرة (بطرس) هي في إدراكه أن القضاء على الوحش، يبدأ بامتلاك سر الوحش .
(2) الرقم ستة مع الزعماء :
حين وقف بوش فى احدى خطبه الكثيرة امام شعبه بعد غزو العراق، أشار مازحا وسط حديثه لأمر سرعان ما تنبه لخطورته علماء الانجيل فى امريكا، فنشروه مع تعليقاتهم على الانترنت لتصل الى اكبر عدد من الناس ، ونحن هنا سنعلق على ما قالوه بل وننشر المزيد من الاسرار، فكتابهم(الانجيل) وان بقى فيه بعض النبوءات الصحيحة الا ان كتابنا -القرآن - فيه كل الحق وكل العلم.
George W. Bush قال في خطابه وهو يضحك أنه أشهر رجل في العالم لا لأنه رئيس الولايات المتحدة فقط، بل لان الملايين على وجه الكرة الارضية يستخدمون كل يوم حرف W المميز لاسمه لا مرة واحدة بل ثلاث مرات! وذلك عند استخدامهم للانترنت www
للوهلة الاولى الملاحظة تبدو عادية، ولكن يقظة دارسى التوراة والانجيل من المسيحيين جعلتهم ينتبهون الى ان W تعادل حرف "و" في حساب الجمّل وهو=6، وبذلك يكون www =666 ، ويا لخطورة هذا الرقم الذي اشار بوش انه يمثله! ففي سفر الرؤيا 13:18 " من له فهم فليحسب عدد الوحش فانه عدد انسان وعدده : ستمائه وستة وستون" فهذا العدد عند المسيحيين يمثل ....المسيح الدجال!
ولكن في علم الحساب القرآني فان للرقم 6 المكرر 3 مرات معنى آخر!
انه يعنى امريكا!! فهي الوحش المعنى في النص بانه يجعل الناس كلهم خاضعين له وأنه سيسيطر على الاقتصاد بحيث لا يشترى او يبيع الا من يحالفه، كما يقول الانجيل "وأن لا يقدر احد ان يشترى او يبيع، الا من له سمة الوحش او اسم الوحش او عدد اسمه"...والآن سنتأكد معا ان الرقمين 3 ،6 هما رمز امريكا فى علم الحساب القرآنى.
ففي سورة القمر التى تقع فى الجزء ال27 وترتيبها 54 ،نجد ان الآية 18 والتي تتحدث عن عاد الاولى قوم هود وعذاب الله لهم ، هي نفسها تتحدث عن عاد الثانية (امريكا) وعذاب الله لها!...ولقد توصل المفكر الدكتور مصطفى محمود لنفس الرأي ونشره في مقالاته، والتي أحيل عليها من يريد معرفة التشابه - بل التطابق - بين عاد الأولى وعاد الثانية الحديثة ، ففي هذه المقالات ما يكفى وزيادة.
وفى سورة النجم - وهى رقم 53 أي تسبق سورة القمر تماما - نجد أن الآية الخمسين واضحة حيث تقول "وأنه أهلك عادا الاولى" ، ثم بعد آيات قليلة في المصحف نجد سورة القمر والآية ال18 التي تتحدث عن هلاك عاد ...الثانية !
وتحديد تاريخ نهاية امريكا من الآية ال18 في سورة القمر،وصلة هذه الآية بالرقمين 3،6 الدالين على أمريكا، سيكون موضوع الفصل القادم، ان شاء الله.
في الفصل السابق كنا قد بدأنا توضيح صلة الآية 18 في سورة القمر ، بأمريكا وتحديد تاريخ نهايتها، وذلك بعد علمنا ان الرقم 6 المكرر 3 مرات هو رمزها، والسطور القادمة ستوضح هذين الرقمين بعلم الحساب القرآني للآية المقصودة : " كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ" (القمر:18)
ومن النظرة الاولى لا يفوتنا ان 18 "رقم الآية" = 3×6 "رمز أمريكا"
وان كان الانجيل قد اشار الى ان رمزها هو 666 أي 6 ثلاث مرات، فان القرآن يشير أيضا وينبهنا للرقم 3 و لصلته بالآية!!
فرقم السورة في المصحف =54=18×3 !! ، ورقم الجزء = 27= 3×3×3، ورقم الجزء ــ رقم الآية= 27ــ 18 = 9= 3×3 !!، والاهم من ذلك أن القارىء لسورة القمر سيجد أنها تحكى عقاب العديد من الامم الكافرة، وأنه كل عدة آيات تتكرر كلمة "نذر"، والعجيب انها في الآية المقصودة يكون ترتيبها...الثالثة!! ... والآن ... ألم يمتلك العدد (6) ما يكفي من مؤهلات لائقة ؟ إلا إننا لم نقل بعد الكثير
(3) : الجسيمات الأولية للمادة مع (الفيثاغوريين) :
يبدو أن (الفيثاغوريين) الشغوفين بالأعداد قد اكتشفوا الأعداد الكاملة ، وأضفوا عليها دلالات كونية وإنسانية ... فهل سرت نفحة من روحهم في صدر العالم المعاصر (غيل مان) ومريديه فرأوا أن الجسيمات الأولية للمادة لا تكمل إلا إذا نظمها العدد الكامل (6) ! ... إذ أن النظرية السائدة حاليّا (النموذج المعياري) ترى أن تلك الجسيمات التي تشكل المادة تنقسم إلى فصيلتين: (كواركات) و (لبتونات)، والكواركات هي "مكونات النترونات والبروتونات والجسيمات المتصلة بها المسماة هدرونات، أما اللبتونات فتستطيع إذا كانت مشحونة كالإلكترون أن تدور حول النوى الذرية لتشكل الذرات، أما إذا كانت غير مشحونة، مثل اللبتونات التي تسمى نترنيوهات فتستطيع أن تخترق الأرض ... دون أن تتفاعل مع أي شيء آخر (شرام وستايكمان : مسرعات الجسيمات تختبر النظرية الكونية ، مجلة العلوم الامريكية مجلد 5 عدد 1988 ص 90) .
ولئن ألبس فيزيائيو العقود الأخيرة من القرن ألـ 20، بنية المادة لبوسا سداسيا ثم أخذوا في تحري وإثبات ذلك اللبوس في الواقع، فإن المادة قد كشفت بذاتها عن عمق الإيقاع السداسي في الأنغام الثرّة والعجيبة لبلورات الثلج، فإن وضع ذرات الاكسجين في الشبكة البلورية للجليد يتخذ مسدسات منتظمة، ذلك هو السر في أن الشكل الشائع والغالب لندف الثلج هو الشكل السداسي، وهو الذي يمنحها القالب التي تبنى عليه تلك المجسمات المزخرفة الرائعة من الندف والتي أدهشت العلماء بانتظامها وجمالها الرقيق. لقد أجريت تجارب لا تحصى في أصقاع شتى وظروف متباينة، والتقطت عشرات الآلاف من الصور لبلّورات الثلج في أعالي الجو وفي السحاب وفوق الأرض، فلم تكن من ندفة تماثل سواها تمام المماثلة .... لكنها جميعا، باستثناء قلة قليلة، كانت سداسية البنية (انظر : بتريانوف ، إ : الماء تلك المادة العجيبة ، ترجمة د. عيسى مسوح . دار مير 1978 ص 42) . إنه الإيقاع البلوري لذلك الماء العجيب .
(4) : لفتة أخوانية صفائية :
لم يغفل (أخوان الصفاء) الرقم (6)، وهم الذين رتبوا مراتب الوجود وفق مراتب الأرقام دون أن يغفلوا أيّا من تلك الأرقام التسعة ، لكي "تكون الأمور الوضعية مطابقة مراتبها للأمور الطبيعية" كما يقولون ... والمرتبة السادسة من تلك المراتب هي من نصيب (الجسم)، وهو كما يبدو - مفهوم شامل يمثل جسما مطلقا أو لعله (مثال) الجسم ذو المسحة الأفلاطونية .
ونظرا إلى ترتيب (الجسم) هو السادس، فقد قيل : "إن للجسم ست جهات (رسائل أخوان الصفاء ج/3 ص 203) وهي الجهات الأربع وقد أضيف إليها (الأعلى والأسفل) ... فاكتساب الجسم جهاته تلك إنما هو انعكاس لمرتبته في منظومة الوجود ... ! وتوحي هذه الرؤية بأن طبائع الكائنات هي تتبع خصائص الأرقام لا العكس ! وهو أقصى ما يمكن أن تخلص إليه فلسفة الأعداد .
وللموجودات لدى (أخوان الصفاء) مسدساتها أيضا، فلا يفوتهم ان يقسموا البروج الاثني عشر إلى نصفين: (ستة منها ذكور وستة منها إناث) ... ويحلو لهم التسديس، فيواصلون قسمة البروج في مناحٍ أخرى: فستة منها نهارية وستة ليلية . "وستة شمالية وستة جنوبية، وستة مستقيمة الطلوع وستة معوجة الطلوع، وستة من حيز الشمس وستة من حيز القمر ... وستة ترى أنها فوق الأرض، وستة لا ترى فهي تحت الأرض (المصدر السابق) .
ويتأمل (أخوان الصفاء) في أوضاع الكواكب خلال مسارها الفلكي، فيرصدون ستة منازل هي أن "تكون في أوجاتها أو حضيضها أو شرفها أو هبوطها أو مع رأس جوزهرها (الـ(جوزهر) : من منازل القمر) او مع الذنب" ... و"كل ذلك بفعل الستة إذ كانت هي أول العدد التام" .
وبعد ... لقد شفينا بعضا من وِتر العدد (6) ... وليس لحدوس الفكر أو لرؤى الميثولوجيا أن تغفله بعد الآن، وقد أظهر العلم فضله، وزكّاه أخيرا (أخوان الصفاء) .
ونترك للمتابع بعد ذلك أن يتخير للعدد (6) مكانا يليق به في ميتافيزياء الأعداد الطبيعية .
(5) : الإيقاعات السداسية :
الله - كما يقول سفر التكوين - قد ارتاح في اليوم السابع ... ألم يكن أولى أن تكون الخطوة للعدد (6)، وقد خلق الله الكون في ستة أيام ! أليس الخلق والعمل أعلى من الراحة ؟
ثم دعونا نستمتع بذلك اللعب بالأعداد الذي مارسه الأقدمون :
فالسنة الشمسية كالسنة القمرية ، هي مجموع سداسيتين ، فإذا قابلنا سداسية نصف العام بسداسية أيام العمل الستة في الأسبوع (دون يوم الراحة) ، فإننا نجعل من الستة إيقاعا كونيا ... ومن المدهش أن يتفق ذلك وعدد الكتب المقدسة التي نطق بها الرسل :
1) مصحف إبراهيم
2) توراة موسى
3) مزامير داوود
4) جامعة سليمان
5) الإنجيل
6) القرآن الكريم
6 = 2 × 3 . الستة هي جداء الاثنين في ثلاثة، فهي مضاعف لكل منهما، أفلا تجمع بذلك فضليهما ! ... وإذا عدنا بالذاكرة إلى رموز الفيثاغوريين نجد أن العدد (2) هو رمز التضاد ، والعدد (3) هو رمز الامتداد ... أفلا يكون جداؤهما رمزا لوحدة الامتداد وضديده ؟
ولما كان الامتداد هو قرين الاتصال ، فإن ضديده هو الانفصال ... وهكذا نخلص إلى اقتراح نقدمه للفيثاغوريين يقول بكون العدد (6) رمزا لوحدة الاتصال والانفصال (أو التقطع) ... وهي إحدى تجليات الجدل الكبرى في الطبيعة .
ولا تزال في ذاكرة العلم تلك المعركة الطويلة بين (أصحاب الاتصال) و(أولي الانفصال) أو (الموجيين) و(الجسميين) حول ماهية الضوء، والتي بدأت عندما افترض العالم الإنجليزي الكبير (إسحاق نيوتن) أن الضوء هو سيالة من الجسيمات أو الكريات الضوئية ترسلها الأجسام المضيئة، بينما رأى معاصره العالم الفيزيائي الهولندي (هيوجنز) أن الضوء ليس سوى موجات محمولة على (الأثير) تنسأ عن نبض الأجسام المضيئة (انظر: ريدنيك، ف : ما هي ميكانيكا الكم ، دار مير، موسكو 1971 ، ص 57) .
استمرت المعركة حتى اكتشاف (ماكسويل) أن موجات الضوء ذات طبيعة كهرومغناطيسية تنشأ عن تراكب حقلين : كهربائي ومغناطيسي .
لكن الطبيعة لها رأي آخر ... فهي لا تعرف تلك اللغة (الدوغمائية) القاصرة التي اخترعها البشر : (إما .. أو) ، ولذلك اصطفت كلا من عالميها الكبيرين (ماكس بلانك) و(إلبرت آينشتاين) ليعيدا إلى التقطع وجاهته ... فالكتشف العالمان أوائل القرن العشرين أن طاقة الإشعاع الضوئي هي ذات طبيعة جسيمية متقطعة، وأنها تعطي وتُكتسب، ليس على نحو متصل، وإنما بوجبات أو كمّات كوانتم) (انظر : ريدنيك ، ف : ما هي ميكانيكا الكم ، دار مير ، موسكو 1971) . وقد أطلق على جسيمات الطاقة فيما بعد، اسم (الفوتونات) التي عدّت بعدئذ جسيمات الحقل الكهرومغناطيسي عامة .
وقد تجلت تلك الوحدة العميقة بين الاتصال والانفصال للشاعر أحمد شوقي حين قال :
دقات قلب المرء قائلة له * إن الحـياة دقائق وثوانِ
(6) : التجربة القرمطية :
وقد نستنطق التاريخ بحثا عن نغم سداسي الإيقاع، فنهتدي إلى التجربة القرمطية ... ومن حق الستة أن تفخر بأنها العدد الطبيعي الوحيد الذي اقترن بالنظام السياسي والاجتماعي الفريد الذي أنشأه القرامطة في البحرين والإحساء خلال القرنين الرابع والخامس للهجرة ... ذلك النظام الذي يشكل استثناءً في تاريخ أنظمة الحكم الإسلامية بعد الخلفاء الراشدين، وحتى سقوط السلطنة العثمانية في القرن العشرين .
أما مكان (الستة) في هذا النظام، فهو في مجلس (العقدانية) الذي يمثل السلطة العليا، ويتألف من (ستة من السادة) و(ستة من الشائرة) وهم بمثابة وزراء السادة . وينتسب الفريق الأول إلى مؤسس الدولة (أبي سعيد الجنّابي)، بينما ينتسب الفريق الآخر إلى (آل سنبر) ذوي المكانة في البحرين (انظر : لويس، برنارد : أصول الاسماعيلية والفاطمية والقرمطية ، دارالحداثة) .
أما ما سجلة الرحالة (ناصر خسرو) في كتابه (سفرنامة) عن دولة القرامطة جدير بالمطالعة لما فيه اوصاف مثالية لهذه الدولة العظيمة (والكتاب ترجمة: يحيى الخشاب ، بيروت 1970) . ما عدا انه ذكر بأن ثروة العقدانية كانت تقوم على استثمار عمل الرقيق، إذ كان لذلك المجلس (ثلاثون ألف عبد زنجي وحبشي، يشتغلون بالزراعة وفلاحة البساتين (6 + × 10 + 6).
أمثلة لاستعمالات العدد ستّة
نورد لكم أربعة أمثلة والبقية سنوردها إن شاء الله في الرابط الخاص بالعدد ستّة .
1) (تقبّلوا لي ستّاً أتقبل لكم الجنة) قالوا: وما هي ؟ قال : (إذا حدّث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف، وإذا اؤتمن فلا يخن، وغضوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم،واحفظوا فروجكم) . رواه أبو يعلى والحاكم والبيهقي
2) ستّة هم أصحاب الفتوى في زمن الصحابة : عمر، وعلي، وابن مسعود، وأُبي، وأبو موسى، وزيد بن ثابت الذي تعلم السريانية في سبعة عشر يوما
3) قال عمر رضي الله عنه: إن الله تعالى كتم ستة في ستة: الرضا في الطاعة / الغضب في المعصية / اسمه الأعظم في القرآن / ليلة القدر في شهر رمضان / الصلاة الوسطى في الصلوات / وكتم يوم القيامة في الأيام . (المنبهات) لابن حجر .
آيات الشفاء ستّة:
1) (ويشف صدور قوم مؤمنين) التوبة – 14 .
2) (شفاء لما في الصدور) يونس – 57 .
3) (فيه شفاء للناس) النحل – 69 .
4) (وننزّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء – 82 .
5) (وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء – 80 .
6) (قل هو للذين آمنوا هدًى وشفاء) فصلت – 44 .