منتـــــــــدى الرشــــــــــــــــاد
وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون‏*‏ Ouuoo510

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتـــــــــدى الرشــــــــــــــــاد
وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون‏*‏ Ouuoo510
منتـــــــــدى الرشــــــــــــــــاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتـــــــــدى الرشــــــــــــــــاد

منتـــــــــدى الرشــــــــــــــــاد


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى

وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون‏*‏

2 مشترك

اذهب الى الأسفل  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

عمور الصديق

عمور الصديق
الادارة
الادارة

وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون‏*‏
بقلم ‏:‏ د. زغـلول النجـار
هذه الآية الكريمة جاءت في نهاية السدس الأول من سورة‏(‏ المؤمنون‏),‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها مائة وثماني عشرة آية‏,‏ ويدور محورها الرئيسي حول قضية الإيمان‏,‏ وصفات المؤمنين‏,‏ ودلالات ومؤشرات ذلك‏,‏ ومقارنته باضداده من الكفر بالله أو الشرك به‏(‏ تعالي الله عن ذلك علوا كبيرا‏).‏
وقد استهلت السورة الكريمة بإثبات الفلاح للمؤمنين‏,‏ واستعراض جانب من صفاتهم‏,‏ وإثبات ميراث جنات الفردوس لهم خالدين فيها أبدا‏,‏ وتابعت بالإشارة إلي عدد من آيات الله في الأنفس والآفاق‏,‏ تشهد له‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بكمال الألوهية‏,‏ والربوبية‏,‏ والوحدانية‏,‏ وبطلاقة القدرة المبدعة في الخلق مما يثبت له‏(‏ سبحانه‏)‏ القدرة علي الافناء والبعث‏,‏ وقد كانا دوما من حجج الكافرين والمتشككين والمعاندين‏.‏

واستمرت سورة‏(‏ المؤمنون‏)‏ بعد ذلك في تأكيد حقيقة الإيمان كما دعا إليها رسل الله أجمعين ومنهم الصفوة من لدن سيدنا نوح‏(‏ عليه السلام‏)‏ إلي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبد الله‏(‏ صلي الله وسلم عليه وعليهم أجمعين‏),‏ وعرضت السورة لشئ من قصص هؤلاء الأنبياء والمرسلين‏(‏ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعون‏)‏ الذين حملوا لأممهم الأمر الإلهي بالإيمان بالله‏(‏ تعالي‏)‏ ربا‏,‏ وتوحيده‏,‏ وتنزيهه عن كل ما لا يليق بجلاله‏,‏ والخضوع له بالطاعة والعبادة والحرص علي المطعم الحلال الطيب‏,‏ والعمل الصالح المفيد‏,‏ وتأكيد وحدة الإنسانية‏,‏ ووحدة الدين‏,‏ هذه الإنسانية التي خالقها واحد‏,‏ وأصلها واحد‏,‏ ودينها واحد‏,‏ وإلي هذا الخالق العظيم الذي له ملك السماوات والأرض ومن فيهن يرجع الجميع ويعودون ليحاسبوا علي أعمالهم في حياتهم الدنيا بالإحسان إحسانا‏,‏ وبالإساءة عقابا أو غفرانا حسب مشيئة رب العالمين وأمره‏.‏
وتابعت السورة الكريمة باستعراض عدد من شبهات المكذبين لدين الله الحق‏,‏ الضالين عن هدايته‏,‏ المحاربين لرسله وأنبيائه وأوليائه إلي الحد الذي يدفع الرسل والأنبياء‏,‏ والأولياء إلي الاستنصار بربهم فيهلك الله المكذبين‏(‏ من أمثال الصهاينة المجرمين الذين يعيثون اليوم فسادا في أرض فلسطين‏,‏ بدعم من الإدارة الأمريكية الفاجرة الكافرة‏,‏ وصمت من بقية المشركين والكافرين والمتخاذلين‏),‏ ومن سنن الله التي لا تتوقف‏,‏ ولا تتخلف أن يهلك المكذبين الكافرين الفجرة‏,‏ وأن ينجي عباده المؤمنين‏,‏ كما سيحدث إن شاء الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي أرض فلسطين‏,‏ وفي كل أرض محاصرة‏,‏ وإلي أن يرث الله الأرض ومن عليها‏.‏

وتمضي السورة في استعراض اختلاف الناس بعد الرسل‏,‏ مؤكدة مرة أخري وحدة الرسالة السماوية‏,‏ ووحدة الجنس البشري‏,‏ وإن افترقوا إلي مؤمن وكافر‏,‏ وتكرر ذكر شئ من صفات كل من هاتين المجموعتين من البشر‏,‏ وتشير إلي مصير كل منهم في الآخرة‏,‏ وتؤكد أن المدد لنفر من الكافرين والمشركين في هذه الحياة الدنيا هو من قبيل استدراجهم‏,‏ وليس دليل خير فيهم‏,‏ فالمدد بالمال والبنين‏,‏ والعلو الكاذب في الأرض‏,‏ كما هو الحال مع كل من الأمريكيين والصهاينة الغاصبين لا يمكن أن يكون الا غضبا من الله تعالي عليهم من قبيل استدراجهم حتي إذا أخذهم لم يفلتهم إن شاء الله تعالي‏....!!!.‏
وتستنكر سورة‏(‏ المؤمنون‏)‏ المواقف المعادية من المشركين لرسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في القديم كما تستنكره في الحديث دون أدني مبرر واحد‏,‏ وتشير إلي تعلل المشركين والكافرين بتشككهم في إمكانية البعث بعد الموت لجهلهم بطلاقة القدرة الإلهية‏,‏ وقياسهم علي الله‏(‏ تعالي‏)‏ ظلما بمعايير الناس‏.‏

وتسأل سورة‏(‏ المؤمنون‏)‏ الناس عددا من الأسئلة المنطقية حتي يجيبوا بفطرتهم‏,‏ وينطقوا ما يؤكد تفرد الله‏(‏ تعالي‏)‏ بالألوهية‏,‏ والربوبية والوحدانية‏,‏ وأنه تعالي قيوم السماوات والأرض ومن فيهن‏,‏ المنزه عن الشريك والصاحبة والولد وأنه‏(‏ تعالي‏)‏ بيده ملكوت كل شئ‏,‏ وهو الذي يجير ولايجار عليه‏...‏
ويأمر الله‏(‏ تعالي‏)‏ رسوله الكريم في هذه السورة المباركة‏(‏ والأمر بالتالي لكل المسلمين‏)‏ أن يدفع بالتي هي أحسن‏,‏ وأن يستعيذ بالله من همزات الشياطين‏.‏

وتختتم السورة بمشهد من مشاهد الآخرة يهان فيه كل كافر ومشرك‏,‏ ويؤاخذ علي مواقفه الخاطئة في الدنيا‏,‏ وتنتهي بإقرار التوحيد الخالص لله‏(‏ تعالي‏),‏ وبالتوجيه بضرورة طلب الرحمة والمغفرة منه لأنه‏(‏ تعالي‏)‏ هو أرحم الراحمين‏..‏
والإشارات الكونية التي استشهدت بها سورة‏(‏ المؤمنون‏)‏ علي ما ورد فيها من حق إشارات عديدة منها ما يلي‏:‏

‏(1)‏ خلق السماوات والأرض بالحق‏.‏
‏(2)‏ اختلاف الليل والنهار‏.‏
‏(3)‏ إنزال الماء من السماء بقدر وإسكانه في الأرض‏.‏
‏(4)‏ خلق الحياة بمختلف صورها‏.‏
‏(5)‏ خلق الإنسان بمراحله المختلفة‏(‏ الجنينية وما بعد الجنين‏)‏ حتي يكتمل خلقه‏,‏ ويتم ميلاده‏,‏ ويستمر في مراحل نموه حتي وفاته‏,‏ ثم بعثه وحسابه‏,‏ وخلوده في حياة ابدية مقبلة إما في الجنة أبدا أو في النار أبدا‏.‏
‏(6)‏ خلق السمع والبصر والأفئدة للإنسان‏,‏ وبث جنسه في مختلف بقاع الأرض‏.‏
‏(7)‏ تبادل الموت والحياة‏.‏

أقوال المفسرين




دورة الماء حول الارض

في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏
وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض‏,‏ وإنا علي ذهاب به لقادرون‏*.‏
‏(‏ المؤمنون‏:18).‏

ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ما نصه‏:‏ يذكر الله تعالي نعمه علي عبيده التي لا تعد ولا تحصي في إنزاله القطر من السماء بقدر‏,‏ أي بحسب الحاجة‏,‏ لا كثيرا فيفسد الأرض والعمران‏,‏ ولا قليلا فلا يكفي الزرع والثمار‏,‏ بل بقدر الحاجة إليه من السقي والشرب والانتفاع به‏,...‏ فسبحان اللطيف الخبير الغفور‏,‏ وقوله‏Sad‏ فأسكناه في الأرض أي جعلنا الماء إذا نزل من السحاب يخلد في الأرض‏,‏ وجعلنا في الأرض قابلية إليه‏,‏ تشربه‏,‏ ويتغذي به ما فيها من الحب والنوي‏,‏ وقوله‏Sad‏ وإنا علي ذهاب به لقادرون‏)‏ أي‏:‏ لو شئنا ألا تمطر لفعلنا‏,‏ ولو شئنا أذي لصرفناه عنكم إلي السباخ والبراري والقفار لفعلنا‏,‏ ولو شئنا لجعلناه أجاجا لا ينتفع به لشرب ولا لسقيا لفعلنا‏,‏ ولو شئنا لجعلناه إذا نزل فيها يغور إلي مدي لا تصلون إليه ولا تنتفعون به لفعلنا‏,‏ ولكن بلطفه ورحمته ينزل عليكم المطر من السحاب عذبا فراتا زلالا‏,‏ فيسكنه في الأرض‏,‏ ويسلكه ينابيع في الأرض‏,‏ فيفتح العيون والأنهار‏,‏ ويسقي به الزروع والثمار‏,‏ تشربون منه ودوابكم وانعامكم‏,‏ وتغتسلون منه‏,‏ وتتطهرون منه وتتنظفون‏,‏ فله الحمد والمنة‏.‏
وجاء في باقي التفاسير كلام مشابه تماما لما ذكره ابن كثير‏,‏ فيما عدا المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏(‏ جزي الله كاتبيه خيرا‏)‏ والذي أشار في هامشه إلي شئ من ارتباط هذه الآية الكريمة بدورة الماء حول الأرض وأضاف‏:‏ وتشير هذه الآية إلي الحكمة العالية في توزيع الماء بقدر أي‏:‏ بتقدير لائق حكيم‏,‏ لاستجلاب المنافع ودفع المضار‏..‏ ثم معني آخر للآية الكريمة يفيد أن مشيئة الخالق ــ جل وعلا ــ اقتضت أن تسكن في الأرض كمية معلومة من المياه في محيطاتها وبحارها تكفي لحدوث التوازن الحراري المناسب في هذا الكوكب‏,‏ وعدم وجود فروق عظيمة بين درجات حرارة الصيف والشتاء لا تلائم الحياة‏,‏ كما في بعض الكواكب والتوابع كالقمر‏...‏ كما أن مياه الأرض أنزلت بقدر معلوم‏,‏ لا يزيد فيغطي كل سطحها‏,‏ ولا يقل فيقصر دون ري الجزء البري منها‏.‏

وفي الحقيقة أن هذا السبق القرآني بالإشارة إلي أن أصل الماء الذي يمكن أن يستفيد به الإنسان من تحت سطح الأرض هو ماء المطر يعتبر جانبا من جوانب الإعجاز العلمي في كتاب الله‏,‏ لأن السائد عن ذلك الماء تحت السطحي في كل الحضارات السابقة علي البعثة المحمدية‏(‏ علي صاحبها أفضل الصلاة وأزكي التسليم‏)‏ من مثل الحضارة اليونانية القديمة أنه مندفع إلي داخل القارات من ماء البحار والمحيطات عبر هوة سحيقة تخيلوها وأسموها تاتار‏
(Tatare).‏

أما أرسطو فقد افترض أن بخار ماء التربة يتكاثف في التجاويف وقد استمرت هذه الافتراضات الخاصة سائدة حتي النصف الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي‏(1877‏ م‏),‏ ولم تتبلور العلاقة بين ماء المطر والماء تحت سطح الأرض إلا أخيرا جدا مع بدايات القرن العشرين‏,‏ وإن كان برنارد باليسي‏
BernardPalissy‏
قد أشار إلي شئ من ذلك في أواخر القرن السادس عشر الميلادي‏(1580‏ م‏)‏ وكذلك ديكارت في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي‏.‏

دلالة الآية الكريمة في ضوء المعارف العلمية المكتسبة
الماء سائل شفاف‏,‏ وهو في نقائه لا لون له ولا طعم ولا رائحة‏,‏ ويتركب جزيء الماء من ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأكسجين‏,‏ وترتبط هذه الذرات الثلاث مع بعضها البعض برابطتين تساهميتين تشكلان زاوية مقدارها‏105‏ درجات‏,‏ مماجعل لجزيء الماء قطبين كهربيين يحمل احدهما شحنة موجبة والآخر شحنة سالبة‏.‏
والماء من أهم ضرورات الحياة‏,‏ فبدونه لا تقوم‏,‏ ولذلك كان خلق الحياة الباكرة في الماء‏,‏ وظلت الحياة في الماء منذ‏3,8‏ بليون سنة مضت وإلي يومنا الراهن‏,‏ وحتي يرث الله الأرض ومن عليها‏,‏ بينما لا يتعدي عمر الحياة الأرضية علي اليابسة أربعمائة مليون سنة‏.‏ وأجساد الكائنات الحية كلها يغلب علي تركيبها الماء الذي تتراوح نسبته في جسم الانسان بين‏93%‏ بالنسبة للجنين في أشهره الأولي‏(‏ الثلاثة إلي الأربعة أشهر الأولي من حياة الجنين‏)‏ إلي‏71%‏ في الانسان البالغ‏,‏ هذا بالاضافة إلي أن جميع الأنشطة الحياتية من مثل عمليات تصنيع الغذاء‏,‏ وهضمه‏,‏ وتمثيله‏,‏ وإخراجه‏,‏ وعمليات الأكسدة والاختزال‏,‏ والانقسام‏,‏ والنمو‏,‏ والتكاثر‏,‏ وغيرها لا يمكن لها أن تتم في غيبة الماء‏,‏ فالنبات علي سبيل المثال يأخذ غذاءه من التربة عن طريق العناصر والمركبات الذائبة في ماء التربة والذي يمتصه ومحاليله بواسطة الشعيرات الجذرية‏,‏ وترتفع هذه العصارة الغذائية في الأوعية الخشبية للنبات بالقدرة التي أعطاها الله تعالي للماء علي الارتفاع بالخاصية الشعرية‏,‏ وقدرته علي خاصية التوتر السطحي‏,‏ كذلك فان عمليات التمثيل الضوئي لا يمكن أن تتم في غيبة
الماء‏,‏ وبعد الاستفادة بالقدر الكافي من الماء في بناء خلاياه وأزهاره وثماره يطلق النبات الماء الزائد عن حاجته إلي الجو بعمليات عديدة منها النتح والتبخر‏.‏
وبالمثل فإن كلا من الانسان والحيوان يأخذ القدر اللازم له من الماء عن طريق الطعام والشراب‏,‏ ويفقد الزائد منه عن حاجته بواسطة العديد من العمليات من مثل التنفس‏,‏ والعرق‏,‏ والدموع‏,‏ والاخراج‏,‏ وغيرها من الافرازات الجسدية‏.‏

من الصفات الطبيعية المميزة للماء
من الصفات الطبيعية التي خص الله‏(‏ تعالي‏)‏ بها الماء والتي جعل لها أهمية قصوي للحياة مايلي‏:‏

‏(1)‏ البناء الجزيئي ذو القطبية المزدوجة‏:‏ يتكون جزيء الماء من ذرتي هيدروجين تحملان شحنة كهربية موجبة وترتبطان بذرة أكسجين تحمل شحنة كهربية سالبة بواسطة رابطتين تساهميتين تشكلان زاوية مقدارها‏105‏ درجات وهذا البناء الجزيئي المميز جعل للماء من الصفات الطبيعية والكيميائية مايميزه عن غيره من السوائل والمركبات الهيدروجينية‏.‏
‏(2)‏ درجتا التجمد والغليان‏:‏ يتجمد الماء عند درجة‏4‏ مئوية‏,‏ ويغلي عند درجة مائة مئوية‏,‏ ولهاتين الخاصيتين أهمية قصوي لاستمرارية الحياة إذ يبقي الماء سائلا في درجات حرارة أجساد كل الكائنات الحية لتساعد علي إتمام جميع الأنشطة الحيوية ومنها التغذية‏,‏ وتمثيل الغذاء ونقله الي الخلايا والأنسجة المختلفة وإتمام عملية الأكسدة والاختزال وإخراج الفضلات والنمو والتكاثر وغيرها‏.‏

‏(3)‏ الحرارة النوعية‏:‏ ويقصد بها كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة جرام واحد من الماء عند درجة‏4‏ مئوية بمقدار درجة مئوية واحدة‏.‏ وهي حرارة نوعية مرتفعة ممايمكن جسم الانسان وأجساد غيره من الكائنات الحية من مقاومة التغيرات الجوية المختلفة بدرجة كبيرة‏.‏
‏(4)‏ الحرارة الكامنة‏:‏ والحرارة الكامنة لتبخر الماء هي الحرارة اللازمة لتبخير جرام واحد من الماء دون أن تتغير درجة حرارته‏,‏ وتبلغ‏540‏ سعرا حراريا‏,‏ وكذلك فإن الحرارة الكامنة لانصهار الماء المتجمد‏(‏ الجليد‏)‏ أي‏:‏ كمية الحرارة اللازمة لصهر جرام واحد منه دون أن تتغير درجة حرارته تبلغ‏80‏ سعرا حراريا‏.‏

وارتفاع قيم الحرارة الكامنة للماء يكسبه مقاومة كبيرة في التحول من الحالة الصلبة إلي السائلة إلي الغازية‏,‏ وهذه الخاصية تجعل من الماء واحدا من أفضل السوائل المستخدمة في إطفاء الحرائق إذ يستهلك كمية كبيرة من الحرارة‏.‏ من الوسط الذي يحترق قبل أن ترتفع درجة حرارته‏,‏ مما يعين علي خفض درجة الحرارة وإلي إطفاء الحرائق‏.‏
‏(5)‏ اللزوجة والتوتر السطحي‏:‏ وتعرف لزوجة السائل بمقاومته للحركة‏,‏ أما التوتر السطحي فهو خاصية من خصائص السوائل الساكنة‏,‏ وفيه يكون السطح الحر للسائل مشدودا ليأخذ أقل مساحة ممكنة‏,‏ ويتميز الماء بلزوجة عالية نسبيا بسبب انجذاب جزيئاته إلي بعض بفعل الرابطة الهيدروجينية وتزيد هذه اللزوجة بانخفاض درجة حرارة الماء لزيادة قرب جزيئات الماء من بعضها البعض حتي درجة‏4‏ مئوية حين تبدأ في التباعد‏,‏ وتتسبب الرابطة الهيدروجينية في زيادة التوتر السطحي للماء مقارنة بالسوائل الشبيهة‏.‏

وهاتان الخاصيتان تساعدان علي مزيد من التماسك بين مواد الخلية الحية‏,‏ وعلي إكساب الخلايا شكلها الخاص وتساعدان علي امتصاص العصارة الغذائية بواسطة الشعيرات الجذرية وعلي رفعها مقاومة الجاذبية الأرضية إلي الفروع والأوراق وحتي القمم النامية في أعلي النبات بارتفاع يفوق الارتفاع الذي يحدثه الضغط الجوي‏(‏ حوالي عشرة أمتار‏),‏ ويعين علي ذلك فقدان الماء من الأوراق بواسطة عمليات النتح والتبخر حيث يصل الضغط المائي أضعاف الضغط الجوي وان كان ذلك يختلف حسب نوع النبات وظروفه البيئية وذلك لكي يستمر ارتفاع العصارة الغذائية من الشعيرات الجذرية عبر السيقان والفروع إلي الأوراق والزهور والثمار‏.‏
وتساعد لزوجة الماء وتوتره السطحي أيضا علي إبطاء عملية فقدان الماء من الأوراق عبر ثغورها‏,‏ ومن أجساد الانسان والحيوان عبر مسام الجلد‏,‏ وإذا خرج الماء الزائد يبقي علي سطح كل من الأوراق والجلد برهة حيث يتبخر فيبردهما ويكسبهما شيئا من الرطوبة في الجو الحار‏.‏

وتساعد خاصيتا اللزوجة والتوتر السطحي المرتفعتان نسبيا للماء في حماية السفن والبواخر المحملة بالأحمال الثقيلة من الغوص في الأعماق وذلك بدفعها إلي أعلي وزيادة قدرتها علي الطفو‏.‏
‏(6)‏ قلة كثافة الماء عند تجمده‏:‏ من الثابت علميا أن قوة الرابطة الهيدروجينية تتلاشي بين جزيئات الماء بارتفاع درجة حرارته مما يجعل جزيئات الماء منفردة في حالة التبخر‏,‏ ومزدوجة أو ثلاثية في حالة السيولة حسب درجة الحرارة‏,‏ وفي حالة رباعية في حالة الجليد الرخو‏
(Snow)‏
وفي حالة ثمانية في حالة الجليد الصلب‏
(Ice)‏
وفي الحالة الأخيرة يزداد الحيز المكاني الذي تشغله ثماني جزيئات مما يقلل من كثافة الجليد وهي خاصية ينفرد بها الماء لأنها لازمة لحياة الكائنات الحية في المناطق المتجمدة‏.‏

من الصفات الكيميائية المميزة للماء
نظرا لتركيبه الجزيئي الفريد فإن الماء يتميز بعدد من الصفات الكيميائية الفريدة‏,‏ ومن الصفات الكيميائية المميزة التي خص الله تعالي بها الماء مايلي‏:‏
‏(1)‏ مقاومة جزيء الماء للتحلل إلي ذراته‏:‏ فنظرا للرابطة الهيدروجينية القوية لجزيء الماء‏,‏ ولوجود الذرات في داخل الجزيء بشكل مائل فإن هذا الجزيء يصعب تحلله إلي ذراته إلا بنسب ضئيلة‏(11%)‏ وفي درجات حرارة مرتفعة‏(2700‏ درجة مئوية‏),‏ وهذه الخاصية تعين المحاليل الحيوية المختلفة علي البقاء في أجساد الكائنات الحية‏.‏

‏(2)‏ قدرة الماء الفائقة علي إذابة العديد من المواد الصلبة والسائلة والغازية‏:‏ إن البناء الجزيئي للماء بميل ذراته‏,‏ وثنائية قطبيته‏,‏ وروابطه الهيدروجينية جعلت من الماء أعظم مذيب يعرفه الانسان خاصة بالنسبة للمواد المؤينة من مثل الأملاح والقواعد والأحماض ولذلك أطلق عليه اسم المذيب العالمي‏.‏
ويذيب الماء ثاني أكسيد الكربون مكونا حمض الكربون بينما يذوب الأكسجين في الماء متخللا جزيئاته‏,‏ وفي الحالة الأولي تسهل عملية نقل ثاني أكسيد الكربون للاستفادة به في عملية التمثيل الضوئي التي تقوم حياة النباتات عليها‏,‏ كما تسهل عملية التخلص منه في كل من الانسان والحيوان والنبات‏,‏ وفي الحالة الثانية يعتبر ذوبان الأكسجين في الماء من ضرورات الحياة للاستفادة به في عمليات التنفس بالنسبة للكائنات التي تعيش في الماء‏.‏

‏(3)‏ قدرة الماء علي الأكسدة والاختزال‏:‏ يدخل الماء في العديد من عمليات الأكسدة والاختزال‏,‏ وفي الأولي تفقد العناصر إليكترونا أو أكثر‏,‏ بينما تكسب ذلك في الثانية‏,‏ وهي عمليات أساسية في تفتيت الصخور‏,‏ وتكوين التربة وتركيز الخامات‏,‏ وإعداد الغذاء لكل من النبات والحيوان والإنسان‏,‏ وفي أكسدة الدم واختزاله‏,‏ والدم يتكون أساسا من الماء‏.‏
‏(4)‏ قدرة الماء الفائقة علي التفاعل مع المركبات‏:‏ يتحد الماء مع أكاسيد الفلزات مكونا إيدروكسيداتها ومطلقا الحرارة‏,‏ ومع أكاسيد اللافلزات مكونا أحماضا‏,‏ وهي عمليات مهمة في تفتيت صخور الأرض‏,‏ وتكوين التربة‏,‏ وتكوين العديد من الثروات الأرضية وتركيزها‏.‏

‏(5)‏ قدرة الماء المحدودة علي التأين‏:‏ يتأين الماء بصعوبة إلي أيون الهيدروكسيل السالب‏,‏ وأيون الهيدروجين الموجب‏,‏ ويساعد هذا التأين علي إتمام العديد من العمليات الكيمائية اللازمة لاستمرارية الحياة‏.‏
‏(6)‏ قدرة الماء علي تصديع التربة وشقها‏:‏

تتكون التربة أساسا من المعادن الصلصالية‏,‏ وهذه تتكون من صفائح رقيقة جدا أعطاها الله‏(‏ تعالي‏)‏ القدرة علي التشبع بالماء‏(‏ التميؤ‏)‏ فتتمدد إلي عشرات مرات أطوالها‏,‏ ويؤدي ذلك إلي تباعد أسطحها عن بعضها البعض‏,‏ فتهتز وتربو إلي أعلي‏,‏ وترق رقة شديدة حتي تنشق لتفسح طريقا سهلا للسويقة الطرية المنبثقة من داخل البذرة النابتة‏,‏ ولولا هذه الخاصية ما أنبتت الأرض‏,‏ ولا كانت صالحة للعمران وتتمدد صفائح الصلصال بالتميؤ لحملها شحنات كهربية سالبة علي أسطحها‏,‏ تمكنها من الاتحاد مع الشحنات الموجبة علي جزيء الماء مما يؤدي إلي جذب تلك الصفائح متباعدة عن بعضها البعض‏.‏ والعكس من ذلك يحدث عند الجفاف حيث تتلاشي الروابط الكهربية بين شحنات صفائح الصلصال وشحنات جزيء الماء عند جفافه فتتشقق الأرض لشقوق سداسية أو قريبة من السداسية مما يعين علي شيء من تهوية التربة

توزيع الماء الأرضي
يعتبر كوكب الأرض أغني كواكب المجموعة الشمسية بالماء ولذا يسميه علماء الأرض باسم الكوكب المائي أو الكوكب الأزرق‏,‏ وتقدر كمية الماء الأرضي بحوالي‏1337‏ مليون كيلو متر مكعب‏,‏ ويوجد في الحالات السائلة والغازية والصلبة موزعا في البحار والمحيطات‏,‏ والبحيرات والأنهار والجداول‏,‏ وغيرها من المجاري المائية‏,‏ كما يوجد علي هيئة جليد فوق القطبين وعلي قمم الجبال‏,‏ وعلي هيئة مخزون مائي تحت سطح الأرض‏,‏ كما يوجد علي هيئة قدر من الرطوبة في كل من التربة والغلاف الغازي للأرض‏,‏ويغطي الماء السائل أكثر قليلا من‏71%‏ من مساحة الأرض‏,‏ بينما يغطي الجليد نحو‏9%‏ من مساحتها ويتعذر في الطبيعة وجود ماء نقي تماما‏,‏ غير أن ماء الأمطار والثلوج المتساقطة تعد من أنقي حالات الماء الطبيعي‏,‏ ولكنه ما ان يصل الي سطح الأرض حتي يبدأ في إذابة جزء من املاح صخورها ويتوزع الماء الأرضي علي النحو التالي‏:‏

دورة الماء حول الأرض
ثبت أخيرا أن كل الماء الموجود علي سطح الأرض قد اندفع إلي سطحها أصلا من داخل الأرض عبر ثورات البراكين‏,‏ وقد سبق القرآن الكريم بثلاثة عشر قرنا علي الأقل بالإشارة إلي تلك الحقيقة التي يصفها الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في محكم كتابه بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
والأرض بعد ذلك دحاها‏*‏ أخرج منها ماءها ومرعاها‏*(‏ النازعات‏:30‏ ـ‏31)‏

وعندما بدأ هذا البخار في التصاعد من فوهات البراكين الي الغلاف الغازي للأرض وجد أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد هيأ له سطحا باردا يتكثف عليه في الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية‏(‏ نطاق الرجع‏)‏والذي يتميز بتبرده مع الارتفاع حتي تصل درجة حرارته الي ستين درجة مئوية تحت الصفر فوق خط الاستواء‏,‏ وذلك اساسا نتيجة للبعد عن سطح الأرض الذي يمتص حرارة الشمس ويعيد إشعاعها الي غلافها الغازي‏.‏
وعند انخفاض درجة حرارة الهواء المحمل ببخار الماء مع الارتفاع فوق مستوي سطح البحر فان رطوبته النسبية ترتفع نظرا لانخفاض كثافته وبالتالي انخفاض ضغطه‏,‏ وعندما تبلغ رطوبته النسبية‏100%‏ فإن ضغطه يساوي ضغط بخار الماء‏,‏ وتسمي درجة الحرارة تلك باسم نقطة الندي
‏(DewPoint)‏
أو درجة حرارة التشبع ببخار الماء‏.‏

وانخفاض درجة حرارة الهواء المشبع ببخار الماء بارتفاعه في نطاق التغيرات الجوية الي مادون نقطة الندي يؤدي مباشرة إلي تكثف قطرات الماء منه وانفصالها عنه فتتكون السحب وهي مجموعة من قطيرات الماء المتناهية الضآلة في الحجم‏(‏ نحو عشرة ميكرون في القطر‏),‏ وتبدأ في التكون ابتداء من‏2‏ كيلو متر فوق مستوي سطح البحر الي نحو‏8‏ كيلو مترات فوق مستوي سطح البحر او أكثر من ذلك‏.‏
والهواء المحمل ببخار الماء يتبرد بارتفاعه الي المستويات العليا من نطاق التغيرات الجوية‏(7‏ الي‏16‏ كيلو مترا فوق مستوي سطح البحر‏)‏ او باصطدامه بقمم الجبال الشاهقة‏,‏ أو بالتقائه مع موجة هوائية باردة‏.‏

والهواء الجاف يتبرد بمعدل عشر درجات مئوية لكل كيلو متر ارتفاعا فوق مستوي سطح البحر‏,‏ ويتناقص هذا المعدل الي ست درجات مئوية مع كل كيلو متر ارتفاع في حالة الهواء الرطب‏,‏ نظرا لتأثير الحرارة الكافية علي تبخر جزء من الماء المحمول مع الهواء الرطب هذا بالاضافة الي ان ارتفاع الهواء الي اعلي يؤدي الي تمدده لوجوده تحت ضغط منخفض‏,‏ ويؤدي هذا التمدد الي مزيد من الانخفاض في درجة الحرارة تبعا لقوانين تمدد الغازات‏.‏
بالاضافة الي انخفاض درجة حرارة الهواء المشبع ببخار الماء الي مادون درجة الندي فإن سقوط ماء المطر يتطلب تكون نويات من البرد‏(‏ الثلج‏)‏ او وجود بعض هباءات من الغبار او الاملاح القابلة للذوبان في الماء وهذه تسهم في مزيد من تجميع قطيرات الماء الي بعضها البعض وبالتالي تؤدي الي هطول الأمطار لعجز الهواء عن حمل القطيرات الكبيرة الحجم نسبيا من الماء‏(‏ من عشري ملليمتر الي نصف ملليمتر في القطر‏)‏ فتبدأ بالتساقط علي الأرض بفعل الجاذبية

وبسقوط الماء علي سطح الأرض‏,‏ وعودته إليها ليجري علي سطحها سيولا جارفة‏,‏ تفتت الصخور‏,‏ وتشق الفجاج والسبل‏,‏ وتكون الأودية ومجاري الأنهار والجداول‏,‏ وتكون التربة‏,‏ وتركز عددا من ثروات الأرض‏,‏ ثم تفيض إلي المنخفضات مكونة البحيرات‏,‏ والبحار والمحيطات‏,‏ كما يتجمد جزء من هذا الماء علي هيئة طبقات الجليد فوق قطبي الأرض‏,‏ وفي قمم الجبال العالية‏,‏ ويتسرب بعض هذا الماء كذلك غير ظاهر‏(‏ منكشف‏)‏ الطبقات المسامية والمنفذة الي تحت سطح الأرض‏,‏ علي هيئة عدد من التجمعات المائية المختزنة في صخور القشرة الأرضية‏,‏ ويبقي بعضه عالقا بالتربة علي هيئة رطوبة أو بالغلاف الغازي للأرض علي هيئة بخار الماء‏.‏
ومن هنا بدأت دورة الماء حول الأرض في ثبات واستقرار يشهدان لله الخالق بطلاقة القدرة‏,‏ وعظيم الصنعة‏,‏ وإتقان الخلق‏,‏ فبفعل حرارة الشمس يتبخر سنويا‏380.000‏ كيلو متر مكعب من الماء من الأرض إلي الجزء السفلي من غلافها الغازي‏,‏ منها‏320.000‏ كيلو متر مكعب يتبخر من أسطح البحار والمحيطات‏,‏ ويتبخر الباقي‏(60.000‏ كيلو متر مكعب‏)‏ من أسطح اليابسة‏(‏ من الأنهار وغيرها من المجاري المائية‏,‏ ومن البحيرات‏,‏ ومن النتح والبخر من أسطح النباتات‏,‏ وتنفس كل من الانسان والحيوان‏,‏ والبخر من الخزانات المائية تحت سطح الأرض‏,‏ ومن رطوبة التربة‏,‏ وهذا البخار المائي تحمله الرياح وترفعه إلي الأجزاء العليا من نطاق التغيرات الجوية‏(7‏ ـ‏16‏ كم فوق مستوي سطح البحر‏)‏ حيث يتكثف مابه من بخار الماء ويعود مرة أخري إلي الأرض مطرا‏,‏ أو ثلجا‏,‏ أو بردا‏,‏ أو ضبابا أو ندي‏,‏ ليعاود الكرة مرة أخري ليتم دورة الماء حول الأرض‏.‏

ومن سمات أحكام تلك الدورة أن مجموع كمية المطر النازلة علي أسطح البحار والمحيطات سنويا‏(284.000‏ كيلو متر مكعب‏)‏ يقل عما يتبخر منها بحوالي‏36.000‏ كم‏3,‏ ومجموع كمية المطر الساقطة علي اليابسة سنويا‏(96.000‏ كم‏3)‏ تزيد بنفس الكمية‏(36.000‏ كم‏3),‏ عن مجموع كمية البخر من سطح اليابسة‏(60.000‏ كم‏3)‏ وهذه الزيادة تفيض إلي البحار والمحيطات حتي يبقي سطح الماء بها ثابتا في الفترة الزمنية الواحدة‏,‏ ولولا دورة الماء حول الأرض لفسد كل ماء الأرض‏,‏ ولتعرض كوكبنا لحرارة قاتلة بالنهار‏,‏ ولبرودة مجمدة بالليل‏.‏

خزانات الماء تحت سطح الأرض‏.‏
تنقسم خزانات الماء تحت سطح الأرض إلي نوعين رئيسيين كما يلي‏:‏
‏(1)‏ خزانات ماء مالح أو شديد الملوحة‏:‏ وهذا الماء محتبس بين مسام الصخور الرسوبية المتجمعة في البحار القديمة التي كانت تغمر مساحات كبيرة من يابسة اليوم وانحسرت عنها‏,‏ وبقي هذا الماء المالح بل الشديد الملوحة في بعض الأحيان محصورا بين حبيبات تلك الصخور الترسيبية القديمة لملايين السنين حيث تزداد ملوحته باستمرار تعرضه لشيء من التفاعلات الكيميائية‏(‏ من مثل إذابة المزيد من الأملاح‏)‏ والفيزيائية‏(‏ من مثل البخر‏).‏

وهذاالماء المالح عادة ما يوجد علي أعماق بعيدة نسبيا من سطح الأرض‏,‏ ومن أمثلته الماء المصاحب للنفط في مكامنه‏.‏

‏(2)‏ خزانات ماء قليل الملوحة إلي متوسط الملوحة‏.‏
وهو ماء متجمع من ماء المطر النازل من السماء‏(‏ بمتوسط ملوحة دون‏20‏ جزءا في المليون‏)‏ علي طبقات من الصخور المسامية والمنفذة فيتحرك ماء المطر فيها بفعل الجاذبية الأرضية أولا متجها إلي الأسفل أي‏:‏ الي مستويات أدني من سطح الأرض حيث تزداد ملوحته بالتدريج‏,‏ وتستمر هذه الحركة الرأسية للماء حتي تتضاءل المسامية والنفاذية‏,‏ وهنا يبدأ ماء المطر في التحرك جانبيا فوق طبقات قليلة المسامية والنفاذية‏(‏ أو عديمتهما‏)‏ لتكون خزانا مائيا تحت سطح الأرض‏,‏ وإن كانت الطبقات مائلة فإن الماء يتحرك في اتجاه ميل الطبقات حتي يصل الي الماء المالح المحصور بين حبيبات الرسوبيات التي تجمعت في البحار القديمة السابقة التي انحسرت عن الأرض منذ ملايين السنين‏,‏ فيتجمع الماء القليل الملوحة طافيا فوق الماء المالح والشديد الملوحة للفرق بين كثافة الماءين‏.‏

ولولا مسامية ونفاذية بعض صخور الأرض‏,‏ ما تجمع ماء المطر‏,‏ ولا أسكن في الأرض‏,‏ ولولا التغيرات الرأسية والجانبية في كل من المسامية والنفاذية ما أمكن خزن أي من ماء المطر‏,‏ ولا أمكن اسكانه في صخور الأرض علي هيئة مكامن مائية لآلاف بل لعشرات الآلاف من السنين إن لم يكن لملايين السنين في بعض الأحوال‏,‏ حتي يستفيد به أجيال من الخلق خزنه الله‏(‏ تعالي‏)‏ لهم بعلمه وقدرته وحكمته‏...!!!‏
ولولا حفظ هذه المكامن المائية من أخطار الحركات الأرضية من مثل الخسوف والتصدعات الأرضية‏,‏ والثورات البركانية‏,‏ والمتداخلات النارية ما بقيت تلك المكامن المائية بل دمرت بالكامل‏,‏ ولذلك قال ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
‏...‏ وإنا علي ذهاب به لقادرون‏(‏ المؤمنون‏:18)‏

وقال‏(‏ عز من قائل‏):‏ قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين‏(‏ الملك‏:30)‏
وقد يغور الماء المخزون في صخور القشرة الأرضية بتكون الصدوع والخسوف الأرضية‏,‏ كما قد يغور بالضخ المفرط الزائد عن معدل تدفق الماء إلي البئر‏,‏ وفي الحالتين لا يحفظ الماء في صخور الأرض أو يعوضه إذا غار الا رب العالمين‏.‏ ويخرج الماء من تحت سطح الأرض بقوة وعنف اذا كان واقعا تحت ضغوط عالية‏,‏ وقد يخرج بطريقة طبيعية علي هيئة العيون والينابيع الطبيعية‏,‏ التي قد تشارك في تغذية بعض الأنهار أو البحيرات ولكن اذا كان الماء تحت سطح الأرض تحت ضغوط منخفضة فإنه لا يمكن الوصول اليه الا بتشقق الأرض عنه أو بالحفر عليه‏.‏

ويصف القرآن الكريم هاتين الحالتين بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):...‏ وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار‏,‏ وإ ن منها لما يشقق فيخرج منه الماء‏...(‏ البقرة‏:74)‏
وتتراوح مسامية الصخور الخازنة للماء تحت سطح الأرض بين‏20%‏ و‏30%‏ وإن تدنت في بعض الحالات إلي‏5%‏ أو زادت الي‏60%,‏ وتختلف درجة اتصال هذه الفراغات مع بعضها البعض باختلاف الصخور‏,‏ وتعرف هذه الخاصية باسم النفاذية‏,‏ ويستدل بها علي قدرة الصخور في إنفاذ السوائل من خلالها‏,‏ علما بأن حركة السوائل في الصخور بطيئة بصفة عامة‏,‏ وإن كانت في حركة دائبة‏.‏ ولولا هذا الاعداد المتقن لصخور الأرض‏,‏ وتمايزها في مساميتها ونفاذيتها‏,‏ وظهور تلك الطبقات المنفذة علي سطح الأرض‏,‏ وتبادلها مع طبقات مصمتة أو غير منفذة‏,‏ ولولا الأحكام الشديد في دورة الماء حول الأرض‏,‏ ولولا اخراج هذا الماء أصلا من داخل الأرض ما أمكن لهذا الكوكب أن يكون صالحا للحياة من أي شكل ولون‏,‏ ولذلك يمن علينا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏

وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا علي ذهاب به لقادرون‏.(‏ المؤمنون‏:18)‏
وهي حقائق تشهد للقرآن الكريم بأنه كلام الله الخالق‏,‏ كما تشهد للنبي الخاتم الذي تلقاه بالنبوة وبالرسالة‏,‏ لأنه لم يكن لأحد في زمن البعثة المحمدية الشريفة ولا لقرون متطاولة من بعدها إلمام بأي من تلك الحقائق‏,‏ فسبحان منزل القرآن بعلمه‏,‏ والصلاة والسلام علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وعلي كل من تبع هداه ودعا بدعوته‏,‏ واستن بسنته‏,‏ والحمد لله رب العالمين‏.‏

http://amoralsdek.blogspot.com

رشادعوض الله السيد

رشادعوض الله السيد
المدير العام
المدير العام

شكرا
لك
موضوع
جميل
والكاتب
اجمل

واصل واستمر

https://alrashad.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة  رسالة [صفحة 1 من اصل 1]

صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى